قبل فترة وجيزة، كتبت "تغريدة"
عن بدء قراءتي كتاب لشخصية إعلامية شهيرة، ووضعت نسخة لمعرف هذه الشخصية في
تويتر.. لم تمر لحظات، حتى وصلتني رسالة خاصة منه بالشكر على اختيار إصداره،
وتمنياته قراءة ممتعة، وجدت نفسي أمام مسئولية لاتمام الكتاب، وبعد ذلك توجهت لهذه
الشخصية بسؤال وملاحظة، وكما في المرة الأولى وصلتني الرد الشافي.
في موضع آخر أشرت إلى مسئول خليجي
كبير له حساب في مواقع التواصل الاجتماعي، ومتفاعل مع مغردي تويتر، واستفسرت منه
عن حادثة ما في بلاده، فوصلني رده خلال دقائق معدودة، قس على هذا ما قام به مسئول
خليجي آخر من إعلان التشكيل الجديد لمجلس وزرائه على حسابه في تويتر، وتفاعل رئيس
دولة عربية مع مواطنيه وتبيان وجهة نظره حول كل ما يهمهم.
على النقيض من ذلك لدينا، وفي قضية
محلية أخذت شد وجذب بين مغردي تويتر، عنونت بعض التساؤلات إلى مسئول كبير معني
بهذه القضية، فلم يلتفت لي من بعيد أو قريب.
وهكذا آخال الحال مع باقي المغردين
العمانيين الذين استفسروا موقف وزارته، ودورها في حل هذه القضية، فلم يجب إلا بعد
أيام بجملة لا تسمن أو تغني من جوع المعرفة.
مثل هذا المسئول "الكبير"
هناك عدد من المسئولين الذين استبشرنا بوجود حسابات لهم في مواقع التواصل
الاجتماعي سيما تويتر والفيس بوك، استبشرنا خيرا لأننا ظننا أننا اصبحنا قريبين جدًا
منهم، ولا حاجة للبحث عن أرقام هواتفهم، أو طلب مواعيد مقابلتهم، أو البحث عن
كيفية للإجابة عن تساؤلات واستفسارات معلقة على أبواب مكاتبهم.
لكن رياح المسئولين جرت بما لا تشتهي
رياح المغردين..
فهذا المسئول لم يتفاعل مع حسابه منذ
أشهر، وذاك يقتصر على إلقاء تحية صباحية بين الحين والآخر، وذلك يغرد في حب الوطن،
وكأن حب الوطن لا يستوي إلا بإعلان الحب على الملأ، دن فعل آخر، وحساب هذا المسئول
يغرد بما يمكن أن يقوم به أصغر مسئول في وزارته.. ولا يتوانى عن حظر كل من يختلف
معه في الرأي ووجهة النظر، أو يناقشه في أخطاء تقع فيها مؤسسته، وكأنه لا يريد إلا
سماع صوته.
ومسئول آخر في مؤسسة يستشيط غضبا من
إستخدام أحد موظفيه، لموقع التواصل الاجتماعي، لإيصال رسالة جماهيرية إلى حسابه..
وقس على هذا الكثير والكثير.
أؤلئك هم الصنف الأول من مسئولينا،
تكرموا علينا بفتح حسابات لهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ومهما يكن من ملاحظات،
فإننا لا يمكن أن نقابل هذا الخطوة، إلا بالنظر إلى نصف الكأس الممتليء، وتقدير أن هذا
الفعل الحميد، سيؤتي ثماره عند أولي الألباب، حتى لو لم يتفاعل هذا المسئول أو ذاك
مع متابعيه، وحتى لو لم يحسن التعامل معهم، فإن صوت "المغردين" بالتأكيد يصله،
والحواجز تتلاشى بينهم.
أما الصنف الثاني، وهم السواد الأعظم،
فإنهم يصمون أذانهم وابصارهم عن هذا العالم، وبالكاد يؤمنون به، وأهميته في
تقريبهم إلى الناس، وشرح وجهات نظرهم دون وسيط، هؤلاء سيتحدثون باستفاضة عن مواقع
التواصل الاجتماعي، وسيقيمون الندوات، ولا يتركون سانحة دون التعبير عن حرصهم على
ما يكتب معهم وضدهم، لكن الحقيقة تقول إن اطلاعهم ذلك في الغالب يكون من خلال
تقارير يرفعها مدراء مكاتبهم، وهم يوجهون بالرد على هذا الرأي أو ذاك عبر حسابات
أكثرها وهمي، ليقال أن ثمة وجهات نظر متباينة حول هذا الموضوع أو ذاك، فإذا كان
هناك من ينتقد هذا السلوك، فإن هنا من يوافقه، ويهلل له.
أسرد ذلك، وأنا ألمس أماني الكثير من
المغردين، في وجود حسابات في تويتر لعدد من الشخصيات العمانية البارزة دينيا
وسياسيا وفكريا وثقافيا واجتماعيا، وأحلام الأكثرية بتواجد ممثليهم في مجلس الشورى
في هذا العالم الافتراضي، ليسمعوا أفكارهم، وأرائهم وينقلوا ملاحظاتهم، وطلباتهم
إلى الحكومة ليكونوا بحق صوتهم النابض، ولسانهم الناطق.
المحصلة أن أكثرية من يتم طلبهم عبر
تويتر، إن لم يكن جميعهم، لا يهتمون بالدخول إلى هذا العالم، وإذا ما ولجوا إليه،
فإن حساباتهم تبقى خامدة، لا حراك فيها، وهذا ما يحدث كثيرا مع اعضاء مجلس الشورى،
الذين يتزايدون يوما بعد آخر في فتح حسابات في تويتر، ثم ينسونها خاوية على
عروشها، في الوقت الذي يتفاعل بعض الاشخاص منهم لا يتجاوز اصابع اليد الواحدة، مع
المغردين، ويتناقشون في قضايا ومواضيع محلية بشكل مستمر، وبصراحة ووضوح.
أتمنى أن أرى كل مواطن ـ مسئول كبير
أم صغير أم غير ذلك ـ حسابا له في تويتر والفيس بوك، وأن يكون له صوت، ورأي، ويناقش
في القضايا التي تمسه، وترتبط بعمله ومجاله، أتمنى أن أفتح موقع تويتر لأجد كل
وزراء الحكومة وهم يتجاوبون مع ما يطرح عليهم ـ قدر ما تسمح به أوقاتهم بالطبع ـ،
وأن تكون الصراحة والشفافية هي السائد في حواراتهم، وأن تكون صدورهم واسعة للنقد،
ومعهم أتمنى أن أرى جميع فئات المجتمع من مفكرين ومثقفين واعلاميين ورجال الاعمال
وغيرهم، وهم يجتمعون على بساط إلكتروني واحد، ويتداولون ما يهم الوطن، ويستمعون
إلى بعضهم البعض، دون حواجز أو قيود.
أريد كل هؤلاء باسمائهم وصفاتهم
ومواقعهم، أريد أن أسمع منهم، ويسمعوا لنا، وأن نقول لهم دون وسيط عن أرائنا
وأفكارنا، وهمومنا.. وأن ننقل لهم ملاحظاتنا، وأن نتناقش في قضايا فكرية، ونتداول
في أحداث معاشة، لنستفيد من هذا التقنية في التواصل وفهم بعضنا البعض.. ونقترب من
أنفسنا أكثر وأكثر.
مسقط ـ 10 أبريل 2013م