خلال
بحثي عما كتب ونشر عن شخصية المهلب بن أبي صفرة، وجدت الكمّ الكبير عن هذه
الشخصية، ومعلومات غزيرة تكفي أي باحث، لإعادة سبر أغوارها، وقراءتها بعين
فاحصة بعيدًا عن اقحامها في مصالح ضيقة لدول، تتفاخر بدون وجه حق، أو تشير
من قريب أو بعيد إلى انتماء المهلب إليها، وتنسب إليه ما ينافي الحقيقة
والواقع.
ورغم أن ثمة إصدارات عدة تحدثت سابقا عن المهلب بن أبي صفرة، ونسبته إلى أماكن عدة، إلا أن أيا منها لم يستوقف أحدا، كما حدث مع كتاب "المهلب من دبا إلى مطلع الشمس" الذي صدر عن هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام في دولة الامارات العربية المتحدة من تأليف وتحقيق الدكتور رياض نعسان آغا.
وبعيدا عن الغوص في حقيقة ما ورد في الكتاب، من عدمها، وبعيدا عن التجاذبات التي تسبب حساسية في مكان، ولا تكون كذلك في مكان آخر، فإن ثمة إصدار عُماني صدر منذ سنين خلت لم يجد حظه من الانتشار، والتعريف وهو كتاب "تاريخ المهلب القائد وآل المهلب" الذي صدر عن مكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، وتعقب فيه مؤرخ عُمان الكبير العلامة سيف بن حمود البطاشي (ت1420) تاريخ الأسرة المهلبية من أمهات المصادر العُمانية شأن الأنساب للعوتبي وبيان الشرع للشيخ محمد بن ابراهيم الكندي وتأليف ابن رزيق والمصادر الأخرى من التراث العربي والإسلامي.
وصدّر العلامة البطاشي كتابه بما يثبت عُمانية القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة وذريته. وذكر آثار المهالبة في عُمان وترجم لمشاهيرهم.
لكن هذا الكتاب لم يجد حظه من الانتشار، كما أن طبعته الأولى، صدرت متواضعة، وأجد أن الوقت ملائم للمطالبة، بأن يعاد إخراج الاصدار في طبعة جديدة، بصورة فاخرة، وبتحقيق علمي محكم، يعيد للمهلب مكانته التي تناسيناها.
ولأننا نسينا شخصيات غير المهلب بن أبي صفرة تنتمي إلى التراب العُماني، وكانت لها إسهاماتها في الحضارة الإنسانية، ولم تجد الحفاوة التي تستحقها، فقد تلاشت من الذاكرة، وتقاذفتها الرياح شرقا وغربا، وكلُ يدعي الحق بها، وكل ما نقوم به في هذا المجال، هو ذكر عابر في تدويناتنا التاريخية، مثال الكتب المدرسية، أو مطبوعات صغيرة لا تكاد تذكر.
فما أحوجنا إلى تعليم النشء من يكون الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما هي إسهاماته اللغوية، ومن يكون أبو الأسود الدؤلي وابن دريد، وماذا قدم أحمد بن ماجد، وهلم جرا .. بعيدا عن التحرك الخجول، كتسمية مدارس في مناطق بعيدة على استحياء بأسماء هذه الشخصيات العظيمة في التاريخ العُماني، وهو ما حدث بالنسبة لاسم المهلب بن أبي صفرة، الذي تحمل اسمه مدرسة في جزيرة مصيرة بمحافظة جنوب الشرقية، تبقى نشاطاتها محدودة بحكم موقعها، وبعدها عن المدن الرئيسية.
لقد أكدت في المقال السابق، من هذا الموضوع، أن ضياع تاريخ هذه الشخصيات، سببه الأول إهمالنا وتناسينا لتاريخنا، ومن مثال ذلك أن لدينا وزارة تعنى بالتراث والثقافة، ولديها عشرات الآلاف من المخطوطات والكتب العُمانية النفيسة، القليل منها رأى النور، وبقي الكثير في طور الترميم أو التحقيق، أو ينتظر حظه من الطبع والانتشار، نريد أن نرى من هذه الوزارة الشيء الكثير الذي يخدم الثقافة والتاريخ العماني، ليس في مجال الاهتمام بالمواهب الإبداعية في الشعر والقصة والمسرح والغناء وفحسب، بل في مجال إبراز الفكر العماني المغيب بين صفحات المخطوطات والمؤلفات القديمة.
إن العناية بالمخطوطات والوثائق التاريخية، وإعطاءها جلّ الاهتمام، هو الأساس الأول لبزوغ نهضة فكرية علمية تقوم على البحث والاستقصاء المدعوم بالمصادر، وبهكذا يحفظ التاريخ من التشويه، وشخصياته من السطو، كما أن ذلك يكون حجة على من يقول إن عُمان كانت في مراحل تاريخية ضامرة فكريا وعلميا، ومن مثال ذلك فقلة من يعرف العالم الطبيب راشد بن عميرة بن ثاني صاحب كتاب فاكهة ابن السبيل الذي أصدرته وزارة التراث والثقافة في جزأين، العام1981م، وهو أحد أهم الكتب العلمية لمؤلف عُماني، ومن أشمل ما كتب في الطب حيث يحتوي على وصفات لكل الأمراض المعروفة، من الأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد وأمراض الأطفال، وأمراض القلب، والأمراض التناسلية، والأمراض الجلدية والسرطان إلى الجراحة وأساليب العلاج كخياطة الجروح وإجراء العمليات والأمراض النفسية مثل المالينخوليا، الاكتئاب، العشق والكوابيس مما يعكس سعة ثقافة المؤلف وشمولية معرفته، وليس الطبيب العُماني محمد بن ناصر بن سليمان صاحب كتاب "الأزرق" ببعيد، الذي لم يسلم من الإنكار في بحوث نشرت خارج السلطنة، وإن الكتاب المشار إليه، ليس للطبيب العُماني محمد بن ناصر وإنما لمؤلف آخر اشتهر بلقب الأزرق وهو إبراهيم بن عبد الرحمن اليمني، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الكتاب هو للطبيب مهدي بن علي بن إبراهيم الصبنري.
إن ما يهمنا في هذا المقام، لفت الانتباه والإشارة إلى أنه حتى المخطوطات العُمانية، لم تسلم من نسبها لهذا العالم أو ذاك، طالما لا توجد حجة داحضة، تتمثل في خروج المخطوط من حيز الحفظ والأرشفة إلى الوجود، ويكون في متناول القراء.
ومثل الطبيب راشد بن عميرة ومحمد بن ناصر كمثل أسماء كثيرة، تحتاج من ينبشها ويمسح عنها الغبار، ويعيدها إلى الأذهان، وكم تمنيت لو كان لنا مستشفى أو عيادة باسم الطبيب العُماني راشد بن عميرة مثلا، أو كان لنا مركز ثقافي باسم الخليل بن أحمد الفراهيدي، مع استذكار البادرة الأولى للسيد عبدالله بن حمد البوسعيدي إبان كونه سفيرا للسلطنة في جمهورية مصر العربية وتأسيسه هناك صالونا ثقافيا باسم الخليل بن أحمد الفراهيدي في حلقات شهرية كواحدة من ضمن المبادرات الفريدة للمحافظة على العلم الذي قدمه لنا الخليل، وهناك مبادرة أخرى ظهرت في المملكة الأردنية الهاشمية، قام بها سعادة الشيخ حمد بن هلال بن علي المعمري خلال عمله كسفير للسلطنة في الأردن والمتمثلة في صالون العوتبي الذي أصبح يسمى مجلس العوتبي، وقد أخذ هذا المجلس اسمه من شخصية عُمانية تراثية، وهو العالم والأديب والمؤرخ سلمة بن مسلم بن ابراهيم العوتبي من علماء عُمان في القرن الحادي عشر الميلادي أو الخامس والسادس الهجري.
لكن الفراهيدي والعوتبي، تواريا عن مجالسهما، وصارا شيئا من الذاكرة، وما زلت عند أمنيتي وحلمي أن أرى لهما مكانا يليق بهما.
إن الأمر الذي يجعلني أحزن كثيرا، هو أن لدينا الكثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية، لكن كلها تدور في فلك شخصيات عُمانية لا خلاف عليها، وتحاول أن تعيد ما كتب عنها، دون أن تقدم الجديد في الكثير من الأحيان وتبقى الشخصيات الأخرى محور الخلاف، من المسكوت عنه، ولا حاجة لإثارته.
إن احتفائية سنوية كبرى تستضيفها السلطنة كمعرض مسقط الدولي للكتاب، جدير بالتأمل فيما يقدم ويخرج للوجود من نتاج ثقافي وأدبي، فمع الإشادة بتسمية إحدى خيمات المعرض باسم العوتبي، إلا أنه ـ كما أسلفت كثيرا ـ يبقى اسمًا يستدعى دون معلومات وافية عنه، عند الكثير من مرتادي المعرض، ناهيك أن الوزارة المعنية بالشأن الثقافي، صاحبة الأرشيف الأضخم بين الجهات العُمانية في المخطوطات والوثائق التاريخية التي بحوزتها، كل ذلك للأسف عجز عن إخراج كتب لها قيمتها، تكون إصدار الوزارة في هذه المناسبة.
ولأن الحديث يأخذنا لما تقدمه وزارة التراث والثقافة من نتاج فكري وثقافي، فلن نطيل الحديث في سلسلة "تراثنا" التي توقفت عن الصدور، ولا في إعادة طباعة أمهات الكتب العُمانية، ولا في إيجاد منافذ لتوزيع وبيع الكتب التراثية الموجودة في مكتبة الوزارة، وكأن الذي يريد هذا الكتاب أو ذاك، عليه أن يلجأ إلى زيارة المكتبة في مبنى الوزارة الرئيسي. ولن نتطرق لماهية الاحتفالات والمهرجانات الكبرى التي أولتها الوزارة اهتمامها الأكبر، فلا وجود لندوة كبرى عن شخصية عُمانية، أو مرحلة تاريخية تضيء عبر ندوة يدعى إليها مفكرون ومؤرخون من السلطنة وخارجها. ويكفي أن نشير إلى أن أول وآخر ندوة معنية بالتاريخ العُماني هي ندوة "عمان في التاريخ" التي احتضنتها جامعة السلطان قابوس في سبتمبر 1994م، وصدر عن بحوثها كتاب "عُمان في التاريخ". وهو الكتاب الذي يقول الشيء الكثير عن تاريخ عُمان، ولكنه ليس كل التاريخ.
إن الحديث عن التاريخ العُماني وشخصياته التي نسيناها، يتجاوز الحديث عما قدمته الجهات المعنية بالثقافة والتراث، إلى الأدوار التي قدمها الأفراد والمؤسسات الخاصة، والمبادرات الفردية والجماعية في هذا الشأن وهو ما سنحاول طرق أبوابه في مقال آخر.. فالقضية أكبر من أن تمر مرور الكرام.
ورغم أن ثمة إصدارات عدة تحدثت سابقا عن المهلب بن أبي صفرة، ونسبته إلى أماكن عدة، إلا أن أيا منها لم يستوقف أحدا، كما حدث مع كتاب "المهلب من دبا إلى مطلع الشمس" الذي صدر عن هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام في دولة الامارات العربية المتحدة من تأليف وتحقيق الدكتور رياض نعسان آغا.
وبعيدا عن الغوص في حقيقة ما ورد في الكتاب، من عدمها، وبعيدا عن التجاذبات التي تسبب حساسية في مكان، ولا تكون كذلك في مكان آخر، فإن ثمة إصدار عُماني صدر منذ سنين خلت لم يجد حظه من الانتشار، والتعريف وهو كتاب "تاريخ المهلب القائد وآل المهلب" الذي صدر عن مكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي، وتعقب فيه مؤرخ عُمان الكبير العلامة سيف بن حمود البطاشي (ت1420) تاريخ الأسرة المهلبية من أمهات المصادر العُمانية شأن الأنساب للعوتبي وبيان الشرع للشيخ محمد بن ابراهيم الكندي وتأليف ابن رزيق والمصادر الأخرى من التراث العربي والإسلامي.
وصدّر العلامة البطاشي كتابه بما يثبت عُمانية القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة وذريته. وذكر آثار المهالبة في عُمان وترجم لمشاهيرهم.
لكن هذا الكتاب لم يجد حظه من الانتشار، كما أن طبعته الأولى، صدرت متواضعة، وأجد أن الوقت ملائم للمطالبة، بأن يعاد إخراج الاصدار في طبعة جديدة، بصورة فاخرة، وبتحقيق علمي محكم، يعيد للمهلب مكانته التي تناسيناها.
ولأننا نسينا شخصيات غير المهلب بن أبي صفرة تنتمي إلى التراب العُماني، وكانت لها إسهاماتها في الحضارة الإنسانية، ولم تجد الحفاوة التي تستحقها، فقد تلاشت من الذاكرة، وتقاذفتها الرياح شرقا وغربا، وكلُ يدعي الحق بها، وكل ما نقوم به في هذا المجال، هو ذكر عابر في تدويناتنا التاريخية، مثال الكتب المدرسية، أو مطبوعات صغيرة لا تكاد تذكر.
فما أحوجنا إلى تعليم النشء من يكون الخليل بن أحمد الفراهيدي، وما هي إسهاماته اللغوية، ومن يكون أبو الأسود الدؤلي وابن دريد، وماذا قدم أحمد بن ماجد، وهلم جرا .. بعيدا عن التحرك الخجول، كتسمية مدارس في مناطق بعيدة على استحياء بأسماء هذه الشخصيات العظيمة في التاريخ العُماني، وهو ما حدث بالنسبة لاسم المهلب بن أبي صفرة، الذي تحمل اسمه مدرسة في جزيرة مصيرة بمحافظة جنوب الشرقية، تبقى نشاطاتها محدودة بحكم موقعها، وبعدها عن المدن الرئيسية.
لقد أكدت في المقال السابق، من هذا الموضوع، أن ضياع تاريخ هذه الشخصيات، سببه الأول إهمالنا وتناسينا لتاريخنا، ومن مثال ذلك أن لدينا وزارة تعنى بالتراث والثقافة، ولديها عشرات الآلاف من المخطوطات والكتب العُمانية النفيسة، القليل منها رأى النور، وبقي الكثير في طور الترميم أو التحقيق، أو ينتظر حظه من الطبع والانتشار، نريد أن نرى من هذه الوزارة الشيء الكثير الذي يخدم الثقافة والتاريخ العماني، ليس في مجال الاهتمام بالمواهب الإبداعية في الشعر والقصة والمسرح والغناء وفحسب، بل في مجال إبراز الفكر العماني المغيب بين صفحات المخطوطات والمؤلفات القديمة.
إن العناية بالمخطوطات والوثائق التاريخية، وإعطاءها جلّ الاهتمام، هو الأساس الأول لبزوغ نهضة فكرية علمية تقوم على البحث والاستقصاء المدعوم بالمصادر، وبهكذا يحفظ التاريخ من التشويه، وشخصياته من السطو، كما أن ذلك يكون حجة على من يقول إن عُمان كانت في مراحل تاريخية ضامرة فكريا وعلميا، ومن مثال ذلك فقلة من يعرف العالم الطبيب راشد بن عميرة بن ثاني صاحب كتاب فاكهة ابن السبيل الذي أصدرته وزارة التراث والثقافة في جزأين، العام1981م، وهو أحد أهم الكتب العلمية لمؤلف عُماني، ومن أشمل ما كتب في الطب حيث يحتوي على وصفات لكل الأمراض المعروفة، من الأمراض الباطنية، وأمراض النساء والتوليد وأمراض الأطفال، وأمراض القلب، والأمراض التناسلية، والأمراض الجلدية والسرطان إلى الجراحة وأساليب العلاج كخياطة الجروح وإجراء العمليات والأمراض النفسية مثل المالينخوليا، الاكتئاب، العشق والكوابيس مما يعكس سعة ثقافة المؤلف وشمولية معرفته، وليس الطبيب العُماني محمد بن ناصر بن سليمان صاحب كتاب "الأزرق" ببعيد، الذي لم يسلم من الإنكار في بحوث نشرت خارج السلطنة، وإن الكتاب المشار إليه، ليس للطبيب العُماني محمد بن ناصر وإنما لمؤلف آخر اشتهر بلقب الأزرق وهو إبراهيم بن عبد الرحمن اليمني، فيما ذكرت مصادر أخرى أن الكتاب هو للطبيب مهدي بن علي بن إبراهيم الصبنري.
إن ما يهمنا في هذا المقام، لفت الانتباه والإشارة إلى أنه حتى المخطوطات العُمانية، لم تسلم من نسبها لهذا العالم أو ذاك، طالما لا توجد حجة داحضة، تتمثل في خروج المخطوط من حيز الحفظ والأرشفة إلى الوجود، ويكون في متناول القراء.
ومثل الطبيب راشد بن عميرة ومحمد بن ناصر كمثل أسماء كثيرة، تحتاج من ينبشها ويمسح عنها الغبار، ويعيدها إلى الأذهان، وكم تمنيت لو كان لنا مستشفى أو عيادة باسم الطبيب العُماني راشد بن عميرة مثلا، أو كان لنا مركز ثقافي باسم الخليل بن أحمد الفراهيدي، مع استذكار البادرة الأولى للسيد عبدالله بن حمد البوسعيدي إبان كونه سفيرا للسلطنة في جمهورية مصر العربية وتأسيسه هناك صالونا ثقافيا باسم الخليل بن أحمد الفراهيدي في حلقات شهرية كواحدة من ضمن المبادرات الفريدة للمحافظة على العلم الذي قدمه لنا الخليل، وهناك مبادرة أخرى ظهرت في المملكة الأردنية الهاشمية، قام بها سعادة الشيخ حمد بن هلال بن علي المعمري خلال عمله كسفير للسلطنة في الأردن والمتمثلة في صالون العوتبي الذي أصبح يسمى مجلس العوتبي، وقد أخذ هذا المجلس اسمه من شخصية عُمانية تراثية، وهو العالم والأديب والمؤرخ سلمة بن مسلم بن ابراهيم العوتبي من علماء عُمان في القرن الحادي عشر الميلادي أو الخامس والسادس الهجري.
لكن الفراهيدي والعوتبي، تواريا عن مجالسهما، وصارا شيئا من الذاكرة، وما زلت عند أمنيتي وحلمي أن أرى لهما مكانا يليق بهما.
إن الأمر الذي يجعلني أحزن كثيرا، هو أن لدينا الكثير من الأنشطة والفعاليات الثقافية، لكن كلها تدور في فلك شخصيات عُمانية لا خلاف عليها، وتحاول أن تعيد ما كتب عنها، دون أن تقدم الجديد في الكثير من الأحيان وتبقى الشخصيات الأخرى محور الخلاف، من المسكوت عنه، ولا حاجة لإثارته.
إن احتفائية سنوية كبرى تستضيفها السلطنة كمعرض مسقط الدولي للكتاب، جدير بالتأمل فيما يقدم ويخرج للوجود من نتاج ثقافي وأدبي، فمع الإشادة بتسمية إحدى خيمات المعرض باسم العوتبي، إلا أنه ـ كما أسلفت كثيرا ـ يبقى اسمًا يستدعى دون معلومات وافية عنه، عند الكثير من مرتادي المعرض، ناهيك أن الوزارة المعنية بالشأن الثقافي، صاحبة الأرشيف الأضخم بين الجهات العُمانية في المخطوطات والوثائق التاريخية التي بحوزتها، كل ذلك للأسف عجز عن إخراج كتب لها قيمتها، تكون إصدار الوزارة في هذه المناسبة.
ولأن الحديث يأخذنا لما تقدمه وزارة التراث والثقافة من نتاج فكري وثقافي، فلن نطيل الحديث في سلسلة "تراثنا" التي توقفت عن الصدور، ولا في إعادة طباعة أمهات الكتب العُمانية، ولا في إيجاد منافذ لتوزيع وبيع الكتب التراثية الموجودة في مكتبة الوزارة، وكأن الذي يريد هذا الكتاب أو ذاك، عليه أن يلجأ إلى زيارة المكتبة في مبنى الوزارة الرئيسي. ولن نتطرق لماهية الاحتفالات والمهرجانات الكبرى التي أولتها الوزارة اهتمامها الأكبر، فلا وجود لندوة كبرى عن شخصية عُمانية، أو مرحلة تاريخية تضيء عبر ندوة يدعى إليها مفكرون ومؤرخون من السلطنة وخارجها. ويكفي أن نشير إلى أن أول وآخر ندوة معنية بالتاريخ العُماني هي ندوة "عمان في التاريخ" التي احتضنتها جامعة السلطان قابوس في سبتمبر 1994م، وصدر عن بحوثها كتاب "عُمان في التاريخ". وهو الكتاب الذي يقول الشيء الكثير عن تاريخ عُمان، ولكنه ليس كل التاريخ.
إن الحديث عن التاريخ العُماني وشخصياته التي نسيناها، يتجاوز الحديث عما قدمته الجهات المعنية بالثقافة والتراث، إلى الأدوار التي قدمها الأفراد والمؤسسات الخاصة، والمبادرات الفردية والجماعية في هذا الشأن وهو ما سنحاول طرق أبوابه في مقال آخر.. فالقضية أكبر من أن تمر مرور الكرام.
شكرا لكم على اطلاعنا على هذه المعلومات
ردحذفشكرا لكم على اطلاعنا على هذه المعلومات
حذفشكرا لكم على اطلاعنا على هذه المعلومات
حذفالسلام عليكم، أريد إبلاغ أي شخص يقرأ هذا ويهتم بالحصول على قرض من شركة قروض خاصة موثوقة، يرجى الاتصال بهذه الشركة وإبلاغها بالتفاصيل التي سأدرجها أدناه واتبع كل ما يُطلب منك القيام به وأنت سوف أحصل على قرضك لأنني حصلت على قرضي منهم ولهذا السبب أقوم بهذا الإعلان أيضًا لمساعدة أي شخص في حاجة ماسة إلى قرض. تواصل معهم عبر البريد الإلكتروني: (contact@sunshinefinser.com) أو WhatsApp: +919233561861
ردحذففاطمة.