لم يكن رئيس مجلس الشورى أول المسؤولين المنضوين لمواقع
التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت، والتحاور مع المدونين في القضايا والمواضيع
التي تخص مجلس الشورى، كما لن يكون الأخير، سيما من بين اعضاء المجلس، من سيقتدون
برئيسهم، ويتجاوبون مع الطرح الالكتروني المتصاعد حول دور مجلس الشورى آنيا
ومستقبليا.
رئيس مجلس الشورى هو ضمن مسؤولين قلة يعدون على الأصابع،
ممن أوجد له حساب على موقع تويتر، وبدأ في متابعة بعض المغردين والتفاعل معهم،
وتقبل وجهة نظرهم عن طيب خاطر، وتقديم وجهة نظره، الأمر الذي غير الكثير من
المفاهيم، وصحح جزءا من الصورة القاتمة عن مجلس الشورى في ضوء الصلاحيات الجديدة
المناطة به.
ومع تمنياتي أن يحافظ رئيس المجلس على صورته الجميلة،
وتفاعله الرائع مع ما طرح على منصة تويتر، فإنني أتخوف من أن تشهد الأيام القادمة
إعادة النظر في متابعة بعض المغردين من قبل سعادته، والاكتفاء بالمعارف، أو حسابات
الشخصيات الشهيرة، سياسيا وفكريا واجتماعيا واعلاميا.
أتخوف من واقع رصد لحسابات بعض المسؤولين الذين ولجوا
عالم تويتر، وعبروا أول مرة عن تفاعلهم مع كل ما يطرح في شأن المسؤوليات الموكلة لهم،
والجهات التي يمثلونها، وكان التجاوب منهم في بادئ الأمر نشطا، متبعين سياسة الباب
المفتوح إلكترونيًا.
لم يكن يصعب على أي مدون أو مغرد الكتروني أن يتحدث عن
بعد مع معالي الوزير، أو سعادة الوكيل، أولا بأول، ويستفسر منه عما صعب عليه فهمه،
أو حتى يناقشه في قضايا ومواضيع تتعلق بسياسته.. كان تويتر كحال مواقع تواصل
اجتماعي أخرى، يحتضن هذا التحاور المباشر بين المواطن والمسؤول، ويرعى حرية الطرح
والنقاش بين الأثنين، لتكون الخلاصة تقدير المواطن لتعاون المسؤول وتجاوبه.
ورغم أن بعض المسؤولين استفادوا من تويتر في مخاطبة
المجتمع بشكل مباشر، حسبما يودون، دون وسيط قد يتأخر في الوصول إلى العدد الأكبر
من الناس، أو تتحور فكرته ومقصده ولا يصل إلى مراده ومعناه، كما استفادوا من تقدير
الناس لهم، وتوسم صفة التواضع في شخوصهم جراء فتح قناة للتواصل المباشر معهم، بحيث
يشعر المواطن أن المسؤول قريبا من همومه، وقضاياه، قريبا من أحلامه وأماله، من
كلماته وحتى ثرثرته، ومشاركا فيما يختلج مشاعره وأحاسيسه.
كان تويتر بالنسبة للكثير من المغردين، عالم أحلام
لانهائي، وسماء واسعة للتحليق، وفضاء رحب للتعبير عن الفكر، وطرح الرأي والرأي
الآخر، والتحاور في قضايا ومستجدات سياسية وثقافية وفنية ورياضية، وبإختصار كان
تويتر عالم بلا حدود، ومن الصعب على المرء تجاهل هذا العالم، وغض الطرف عما يدور
في مرابعه.
ولأنه صانع سياسات، ونافذة لمخاطبة الجمهور مباشرة، فقد انضوى
في هذا العالم، العديد من رؤساء دول وحكومات ووزراء، وصناع قرار ومشاهير في عوالم
مختلفة، كلٌ ينتصر لفكرته واطروحته، ويناقش فلسفته ورؤيته في مجال تخصصه واهتمامه،
وحتى في فهمه للحياة، واطلالته على متابعيه بآخر أخباره ونشاطاته، وتحضر للأذهان ـ
كأقرب مثال على شعبية تويتر ـ تغريدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعيد إعادة انتخابه، والتي نشر فيها صورته وهو يحتضن
زوجته ميشيل بقوة، هذه التغريدة/ الصورة تم إعادة نقلها مئات الآلاف من المرات،
لتكون لأكثر شعبية فى تاريخ تويتر.
ولن اقول أن تويتر كان واحدا من النوافذ التي أطل منها
بارك أوباما للتعريف ببرنامجه الانتخابي، والتواصل مع شريحة كبيرة من المتابعين
له، ونقلت تغريداته من خلال مئات الآلاف من الأشخاص، دون الحاجة إلى دفع رسوم
مادية مهما يكن قدرها.
وأعود للحالة التي عندنا، حيث ينطفئ وهج التفاعل في
تويتر عند الكثير من المسؤولين الذين لا نجد لهم أثرا في هذا العالم الأفتراضي،
وإذا ما وجدنا ذلك، فإن قائمة اهتماماتهم لا تتعدى متابعة يسيرة لنخبة من المغردين
من الأفراد والجهات، ولا يطرح هذا المسؤول شيئا عن افكاره وأرائه، ولا يجيب على
التساؤلات المطروحة إلا فيما ندر، وربما يتعلل بمشاغله، وأي مشاغل تبعد مسؤول عن مواطنيه.
أقول ذلك، وأنا اتساءل عن غياب الباقي، وهل مازالوا
يعتبرون "تويتر" و"الفيس بوك" وغيرها من مواقع التواصل
الاجتماعي، غير جديرة بالمتابعة والاهتمام، وما إذا كانت لديهم نظرة سوداوية لمرتادي
هذا العالم باعتبارهم من أصحاب الافكار السقيمة وقليلي الثقافة، والشغل.
أنني أتمنى ـ كما يتمنى الكثير مثلي من المغردين في عالم
تويترـ أن يأتي اليوم الذي نستطيع محاورة كل المسؤولين لدينا، وكل ممثلينا في مجلس
الشورى، وكل صانع قرار في هذا البلاد، نتحاور معهم دون حواجز، أو مدراء مكاتب، أو
منسقين، أو همزات وصل ووسائط تحجبنا عن سماعهم، نتحاور معهم لنتعرف على أفكارهم
وارائهم، وكل ما يتعلق بحاضرنا ومستقبلنا.
نريد أن نتحدث مع هؤلاء المسؤولين، الذين يرفعون شعار
الباب المفتوح، ويسدون أقرب نافذة يمكن أن نطل من خلالها عليهم، لنستوضح ما خفي
علينا من الأمور، ونحدثهم بهمومنا وقضايانا، نريد أن نقول الكثير لهم، وسنختزله في
تغريدة لا تزيد عن 140 حرفا، يقرأونها كيفما شاؤوا ومتى شاؤوا، المهم أنهم يطالعونها، ونعلم أنها قد وصلت إليهم
دون زيادة أو نقصان.
أنه حلم ليس بعيد المنال.. أن تفتح صفحتك التويترية ذات
صباح لتجد أن مسئولا كبيرا يتابعك.. أو أنه قد رد على تغريدتك.. فقد أصبح ذلك في
عالم لا يعترف بالحواجز المكانية أقرب إلينا من حبل الوريد.
مسقط ـ في 1 ديسمبر 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق