السبت، 2 فبراير 2013

الشمس تشرق من المغرب ـ الحلقة الأولى ـ



أن تأتي إلى المغرب على وقع حلم قذفته في ليلة دون أن تدري مستقره، أن تجوس شوارعها، وتتسكع في أزقتها، على جناح أمنية أطلقتها ثم لم تدر أي ريح حملتها، أن تسافر إلى بلاد مثقلا بالحنين، ومتدثرا بالشوق، فلا مناص أن تكون رحلتك هذه من أجمل الرحلات.

تتذكر وأنت تحلق بين السماء والأرض، حين قلت قبلها أن أمنيتك أن تزور هذه البلاد، وترحل إليها في أيام غير معدودة، وتتنقل بين مدنها وقراها، حتى تشبع منها.. وتتذكر كيف نمت ليلتها، على وسادة حلم يعيد صدى الأمنية إليك، وحين تستيقظ، تجدها قد انبلجت كفلق الصبح.



 

بين الدار البيضاء والرباط وفأس وطنجة ومراكش ومدن وقرى أخرى تسكن بينها.. عشت ثلاثة أسابيع متنقلا كمن يغرف من رحيق زهرة ليحلق إلى زهرة أخرى، كانت المدن المغربية تتبارى في إبداء مفاتنها، وكشف محاسنها، وكنت أنا أهيم في دروبها، أفتش عن الذين عبروا من قبلي هذه المدن، وهاموا بها.. وغرسوا جذورهم في هذه الأرض، واثمروا هناك.

لا أعرف لما قفزت المغرب في خاطري ذات ليلة، وأنا أبوح عن شوق لسفر آخر، سفر ينتشلني من سجن الروح ومن حياة بدت رتيبة دون أن تحلق في فضاءات رحبة.. وتنشر اجنحتك بين السماء والأرض.. أشتقت للسفر، وحددت هذه المرة ما أريد، وكيف أريد، قلت أريد أن أسافر، وقلت إن وجهة الطائر الحالم فيّ هناك في أقصى بلاد العُرب، حيث تطوان التي تغنينا بها، وطنجة ومراكش والرباط.. وقلت إن رحلة كهذه لا أريد لها أن تنتهي.

لكن الرحلة انتهت.. وأنا ما رويت عطشي منها بعد، وكما كنت أقطع الشارع في مسقط في طريقي إلى المطار، عدت في اللحظة التالية اقطعه، وقد عدت محملا بالحنين إليها.. كانت الساعة حين سفري تقترب من الثالثة فجرًا.. وكانت تقترب من الرابعة فجرًا حين عودتي بعد ثلاثة أسابيع.. الأيام تلك جلها مضت كما مضت الساعة بين الثالثة والرابعة فجرا.

كان مطار مسقط كما هي عادته ينشط ليلا، ليودع المسافرين ويستقبل الواصلين، كنت والصديق فيصل العلوي نحمل أمتعتنا، ونحن نتأهب لسفر يكتب ذكراه في حياتنا، ومعنا كان مجموعة من الأصدقاء، اصافح وجوههم للمرة الأولى، والبعض الآخر عرفته من اسفار سابقة..

وكما هو حال السفر دائما، يكون مربكا للبعض، وصادما للبعض الآخر، فإن من المألوف في هكذا مواقف أن ينسى البعض جواز سفره، أو أن ينسى توقيت السفر فيأتي متقدما أو متأخرا.. كنت أرقب ذلك وابتسم من الموقف الذي جعل أحد زملاء الرحلة يحضر جواز سفر غير جوازه، لم يفطن إليه إلا عند وزن الأمتعة، واستكمال اجراءات الرحيل.. ثم تداركه بإتصال هاتفي وجاء الجواز المطلوب بعد برهة زمن لم تطل.

كانت حقائبنا مجتمعة قد تجاوزت الوزن المسموح به، ولم يكن أمامنا إلا التضحية ببعض الحمولة، وحمل الباقي على أكتافنا.. كنت أحمل مؤلفات عدة خلتها ستكون ونيسي في سفري هذا، وزادي حين يطيل بنا السفر، ولا أجد من اتحدث معه..

***

 كان زمن الرحلة يمتد لثماني ساعات تزيد قليلا.. في فترة التوقف بين محطة وأخرى، وكان النهار قد مد خيوطه الأولى، والشمس تأهبت للشروق حين حلقنا ثانية من دبي بإتجاه الدار البيضاء، مضيفة الطائرة تعلن أن الرحلة ستسغرق ست ساعات ونصف وسنطير على ارتفاع (...) ألف قدم بسرعة (...) ميل في الساعة، لم أهتم بالأرقام فقد كنت أرقب السماء خلف النافذة، وخيوط الصباح تنشر الأمل على الأرض الفسيحة، وبينهما كنت أنشر أجنحتي وحيدا أرسم على السحب المتناثرة أحلامي الملونة..

السفر فرصة للتأمل، والاختلاء بالذات، اشتقت إلى نفسي، كادت أن تتوه مني في زحمة الحياة، وبالكاد وجدتها، وهاأنا أمامي ست ساعات أو تزيد، أجلس معها وحيدا، اسمعها وتسمعني.. لا شيء سيقطع خلوتي بها، حتى صوت المضيفة الحسناء، وهي تمد لي بقائمة الطعام المقدم، أو تسألني عما أود شربه من العصائر والمشروبات المقدمة..

ـ لا شيء.. قليل من الماء يكفي!

لكنني وجدت أصابعي، تشير إلى عصير أحمر قان، اشتاقت له نفسي وقررت تنفيذ رغباتها.. وطلبتها ممزوجا بقطع الثلج.

كان طعم عصير الطماطم المثلج في فمي، يحفزني للتأمل أكثر، والرواية التي قررت استكمالها في هذه الرحلة، بقيت مفتوحة على الصفحات الأولى، فيما شاشة الفيديو قبالتي، تعرض فيلما عربيا كوميديا.. لم يضحكني للأسف!.

كنت أتخيل متاهات الرحيل، وكيف أن الأرواح تحلق دون أن تدري أن ثمة رحيلا أبديا آخر ينتظرها.. ولعله يكون قريبا طالما أنها معلقة على كف الهواء بين السماء والأرض، وهاهي الوجوه الصامتة في هذه الرحلة، تنظر للأبدية دون أن تعرف أي لحظة فاصلة، تقطع الخيط الواصل إليها..

في محطات السفر، كما في الحياة، تتصافح الوجوه، وتسافر معا من محطة إلى أخرى، ينزل أناس هنا، ويصعد أناس أخرون، وتستمر الرحلة، غير أن في السفر يعرف المرء أي محطة تالية سينزل إليها، لكننا في الحياة، لا نعرف في أي محطة سنتوقف، وعلى أي رصيف سنمشي.

كانت كتل السحاب قد بدأت تتلاشى، والسماء اتسعت، والكتاب المفتوح أمامي على حالته الأولى، وخط الطيران يقول إن مسار الرحلة ما زال طويلا.

أطلب عصيرا آخر..

أشربه بمهل، ثم أقوم من مكاني، أمر على أمكنة رفقاء الرحلة، وأفتش بدءا عنهم، في أي الكراسي يسكنون، أنظر لحال بعضهم وقد أستسلم للنوم، والبعض يثرثر، وآخر يتصفح كتابا، ألقي عليهم التحية، من مكاني الذي أنظرهم فيه، وأعود لمكاني، أعاود تقليب قنوات الأفلام المعروضة، لا شيء يعجبني، استمع لمعزوفة موسيقية، وأستسلم بعدها للنوم..

أفق من نومي على سؤال المضيفة، عن اختياري من قائمة الطعام المقدمة.. أنظر في قائمة الطعام.. لا شيء يعجبني، تحثني المضيفة على الاختيار، أنظر إليها، ثم أسند رأسي على المقعد، أقول لها: أحضري أي شيء.. أي شيء!.

ترمقني بارتياب، وتمضي لحال سبيلها.. تمضي كما يمضي بنا هذا الطائر، وكأنه واقف دون حراك، لولا السحب القليلة التي بدت تظهر أسفلنا، وهي تمر مر الجبال.. والشاشة المنصوبة أمام مقاعدنا تشير إلى حركة الطائر، وسرعته، وأين موقعنا في خارطة متداخلة التضاريس.

تأتي المضيفة بعد برهة من الزمن، تدفع عربة الطعام أمامها، توزع الطعام على المسافرين، تصل إلي، تبسط مسند مقعدي، تضع عليه فوطة بيضاء، تضع أطباق الطعام، وتسألني عن شرابي.. أشير إلى علبة مشروب غازي، تفتح العلبة، وتسكب محتوياتها في كوب بلاستيكي، تناولني أياها.. وتغادر دون أن تنتظر مني كلمة شكر، أو حتى ابتسامة.

أنظر لمائدتي.. وأنا أحملق في المسافرين، الذين انشغلوا بتناول طعامهم، وكأن بعضهم لم يأكل منذ أيام، أو لم يفارق أحبابه، ولم يشتاق لآخرين في انتظاره.

وكما جاء الطعام.. عاد ثانية، وعدت أجوب ممرات الطائرة، أطمئن على أصدقاء الرحلة، لكن المطبات الهوائية، أعادتني لمقعدي، وكان أن لزمته حتى لحظة الوصول..

كانت الدار البيضاء، تبدو من الأفق لوحة سريالية غير مكتملة المعالم، مباني متداخلة كأنها مكعبات لعب الأطفال، وتداخلات بين اليابسة والماء، هنا يفتح ميناء المدينة ساعديه ليستقبل البواخر المحملة بالبشر والحجر، وهناك على المقربة تتضح معالم مسجد كبير، بمناراته الشاهقة، والطرق كأنها أخاديد في وجه المدينة، أما باقي التفاصيل فتبدو متناهية الصغر.

كنا نقترب، ولوحة المدينة تتضح شيئا فشيئا، رأيت وجوه المسافرين، وهم يطلون من نوافذهم، يتحينون لحظة الوصول، ويسابقون الشوق لمعانقة دروب المدينة، كانت المضيفات تمر علينا، المرور الأخير للتأكد من ربط أحزمة الأمان، واعادة المقاعد إلى وضعها الطبيعي، وكان العطش حينئذ قد بلغ مبلغه مني، لكني لم أطلب الماء.. كان عطشي من نوع آخر.. عطش قرأته المضيفة في عيني..  وابتسمت!.

 

***


حين توقفت الطائرة، أطلقت زفرة محملة بالأشواق، ونفضت عن كاهلي وعثاء السفر، ورحت أستعيد الحلم الذي حملني إلى هنا..

ـ ما رأيك أن تذهب إلى المغرب؟

قالت لي رجاء البلوشي، وهي المسئولة عن التخطيط والتدريب في وزارة الاعلام، وراحت تحدثني، عن برنامج الرحلة الذي سيمتد لثلاثة أسابيع، قالت لي: أنهم يخططون لأخذ مجموعة من الصحفيين للإطلاع على الثقافة المغربية، وستشمل الجولة زيارات ميدانية لمراكز وهيئات ومؤسسات ثقافية واعلامية وفنية، وزيارت لمدن مغربية، وبرامج أخرى يمكن أقتراحها خلال الزيارة.

كانت رجاء البلوشي، تحدثني عن مقترح الزيارة، وفكري يشرد للبعيد، ثم عدت لأتأكد منها: أحقا تقولين المغرب؟!.

وعادت لتؤكد على حديثها: نعم المغرب، وأطلب منك البحث عن سكن مناسب للمجموعة التي ستسافر معنا.. يمكنك أن تنسق في مواصفاته مع الزملاء، قلت لها أنني أعرف المغرب مدينة.. مدينة، رغم أنني لم أسافر عنها، لكنني جبتها في الأشعار والروايات، وطفتها في الكتب والمؤلفات.. أعرف المغرب، كما أعرف نفسي، فقد قرأتها عنها في روايات محمد شكري والطاهر بن جلون، وطفتها في أشعار سعدي يوسف وجان جنيه وحتى عبدالله الريامي ومحمد الحارثي وزاهر الغافري.

وبدأ مشوار البحث عن سكن، كان ذلك سانحة للتعرف عن بلاد المغرب عن بعد، وتطواف مدنها سيما الرباط، التي ستكون مستقرنا، كنت وأنا أفتش عن نزل نأوي إليه، أبحث عما يجاور هذا المكان، وعن الطرق المؤدية إليه، والمعالم المحيطة به.. وجبت الرباط من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، ومن المدينة العتيقة المطلة على الأطلسي، حتى مركزها، أقتربت من نهر أبي رقراق، وصومعة حسان، وتعرفت على أحياء سكنية مثل أكدال، والصاغة وبرج حسن وقصبة الأوداية.

كنت أسرد تفاصيل ومواقع الكثير من الفنادق والنزل الموجودة في العاصمة الرباط، وكأني أقلبها بين أصابعي.. فهذا الفندق يقع بالقرب من المدينة القديمة والمنطقة التجارية، وذاك عند مدخل المدينة غير بعيد من الشاطئ والمرسى، وذا يطل على قلعة قصبة الأوداية، وذا يقبع داخل أسوار المدينة العتيقة، وهذا في وسطها بالقرب من معالم سياحية ومراكز تسوق.

كانت الخيارات عديدة، كما كانت الرؤى كذلك، ولذا لم نستطع أن نتفق على فندق بعينه، فكان أن حجزنا لثلاثة أيام في أحدهم، حتى يمكننا أن نبحث عن مستقر مناسب عن قرب، حين وصولنا.

في اللقاء الأول الذي جمعنا قبل السفر، تعرفت على رفقاء الرحلة، كانوا في مجملهم لطفاء، ومدهشون، أعرف بعضهم منذ زمن، والبعض الآخر ألتقيه للمرة الأولى.

في هذا اللقاء، تحدثنا مع بعضنا البعض، وتحاورنا في كل شيء، من البرنامج المعد للزيارة، وحتى مواصفات السكن، مرورا باللباس الخاص بالزيارات الرسمية، وغير الرسمية.

أخبرتهم عن مناخ المغرب وطقسه البارد في هذه الفترة من العام، وطلبت منهم أخذ الملابس الثقيلة، حيث درجة الحرارة تتفاوت بين العشر درجات مئوية والعشرين درجة، وعن الأمطار التي بدأت تهطل هناك.

كان بعضنا يسأل عما ترتيبات السفر.. وعن موعد التواجد في المطار.. وعن الوزن المسموح به.. والعملة النقدية التي سيحملها معه.. وكأنه سيسافر للمرة الأولى.. كنت مندهشا لهذا الشوق الذي ينسينا كيف يكون السفر، وماذا يحتاج.

***

كنت والصديق فيصل العلوي أول الخارجين من بوابة الطائرة، بعيد توقفها في مطار الدار البيضاء، أو كازبلانكا، كانت السماء صافية، ودرجة الحرارة معتدلة نسبيا، توقفنا في الممر بانتظار استكمال المجموعة المرافقة، كان البعض يئن من وزن الحقائب التي حملها على أكتافه، والمسار الطويل الذي سيسلكه مشيا للوصول إلى نافذة انهاء اجراءات الدخول.

اتفقنا على اللقاء عند مكان وصول الأمتعة، كانت ملامح تشكل شللية المجموعة قد بدأت تتضح، أقول شللية ولا أقصد بها التشرذم والخلاف، بقصد استئناس كل فرد منا بشخص آخر من المجموعة يكون رفيقه، والأقرب حظوة إلى شخصه، دون التقليل من مكانة باقي الأشخاص.

بدأ ذلك من اختيار الغرف المتوافرة للسكن، وهي غرف بعضها ثنائي والأخرى مفردة، قرر خلفان الرحبي وراشد البلوشي أن يكونا معا في غرفة واحدة، وكذلك الحال بالنسبة لمحمد الحضرمي وخالد الحارثي، وأخترت أنا والصديق فيصل الأقامة معا، أما الدكتور خالد العواملة فقد اختار أن يكون في غرفة مفردة، وكذلك فعلت رجاء البلوشي، وسعاد العريمية وناجية البطاشية وفائزة الكلباني، واختارت ميساء الهنائي أن تكون في غرفة مشتركة مع ليلى الحسني، وهي التوزيعة التي ستستمر معنا حتى السكن الأخير الذي سننتقل إليه في أيامنا الأخيرة في هذه البلاد.

أمام نافذة إنهاء إجراءات الدخول، كان الطابور يصطف طويلا، وكانت توزيعات الصفوف تتم حسب جنسيات المسافرين، فهنا صف للمواطنين المغاربة، وهناك لدول اليورو، ومسار آخر لحملة التأشيرة، ومسار لعموم المسافرين الذين لا ينتمون إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

كانت عدسة تصوير صغيرة تبرز من نافذة الأمن، لتأخذ صورة للمسافر، قبل ختم جوازه والسماح له بالدخول، ولذلك حين وصلت حاولت أن أبتسم رغم وعثاء السفر، قدمت جواز سفري لموظف الأمن، نظر إلى الجواز، وراح يترنم: عُمان يا عُمان، عُمان يا عُمان.

حين سمعت ترنمه، سرى في نفسي ارتياح كبير، سمعته بعذ ذلك يسألني عن مستقري في المغرب، قلت له واثقا: سأكون في الرباط، في فندق (Ubay).

كان أسم الفندق ذو الثلاث نجوم، والواقع في وسط المدينة، قريبا من برج حسن، ربما غير مألوف خاصة لرجل أمن جل عمله في مطار الدار البيضاء، وربما لا يملك الرجل الدخل الكافي للسكن في فندق حتى لو كان يتزين بنجمة واحدة.

بعد الانتهاء من اجراءات الدخول، والتعرف على أمتعة الشحن، كنا نسير بجانب رجل عرفنا بنفسه، عادل من مركز خالد الحسن، وسيكون أحد الذين سيرافقوننا في البرنامج المعد للزيارة.

خارج مطار الدار البيضاء، تنسمت هواء المغرب، محملا بالعطر الذي اشتاقته نفسي، أمتلئت به، وكعصفور حط في عشه بعد ضنا، رحت أضم الهواء إلى صدري، وأنا أقبله، وأطفئ الحنين إليه.

تأخرت عليك..

والشوق إليك يكتبني، في الطائرة، لم أنظر إلاك، وأنت ساكن بعيد عن عيني، لا أعرف كيف هي محياك، وكيف صارت ملامحك، وما هيئتك، لا أعرف عنك شيئا غير أسمك، لكنه كان يحمل بين حروفه معنى لصيرورتك.. أنت أيها الساكن هنا، هاقد جئت إليك، وها أنا أقف مستقبلا صورتك.. كم تبدو في نظري جميلا!، أشعر أني أحبك من أول نظرة.


للرحلة بقية..

مسقط ـ 28 يناير 2013م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق