الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

على هذه الأرض ما يستحق الحياة ( 2 )





كانت أضواء فلسطين التي تبيناها من البعيد، تضيء معها الشوق الذي اشتعل في القلوب، وتوقد الحنين الذي نبت في صدورنا.. كانت اللوحة تشير إلى أننا نمضي في جسر الملك حسين ونقترب من معبر الكرامة، أتأمل صورة المكان، أبحث عن التفاصيل المنسية هنا، عن عبرات وآهات المهجرين من ديارهم، عن النكسة التي سرقت الوطن من أهله، وشردتهم في المنافي والمخيمات.
أتأمل الوجع النابت في القلوب، وآنات الصدور، الشوق الذي يفر من أفئدتنا ليعانق نسيم فلسطين، ويحضن هواء الجليل ونابلس، وبيت لحم والقدس والخليل، وكل أرض اشتاقت لنسائم الحرية، فترتد الآهة إلى صدري، وتنام عليه.

تقترب الحافلة من معبر الكرامة.. نقف قرب بوابتها، باحثين عن فتات الكرامة التي تناثرت هنا، وبقيت لنا، أستعيد ذاكرة التاريخ الموسوم في المكان، فأرى أبو عبيدة بن الجراح وضرار بن الأزور وشرحبيل بن حسنة ومعاذ بن جبل، وأرى صدق وعد الله في إنتصار الروم على الفرس من بعد غَلَبِهِم، أرى الكرامة تينع بالبواسل، وتثمر رجالا باعوا أرواحهم ودماءهم فدءا للأرض، فحققوا بعضا من العزة التي فُقدت، واستعادوا بعض بهائها.
تحضرني معركة الكرامة في منطقة غور الأردن على الضفة الشرقية من النهر المقدس، وبطولات الثوار وقوات العاصفة التابعة لحركة فتح، والنزال البطولي مع القوات الغاشمة على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت، وكيف اضطر الإسرائيليون إلى الإنسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائرهم وقتلاهم، دون أن يتمكنوا من سحبها معهم.


***
نعبر الكرامة، أو نتركها ورائنا، لا شيء مختلف، فالكرامة مهدورة، والأوطان ضائعة، وها نحن ندخل أرضنا العربية بإذن المحتل، ونقف إنصياعا لأوامره وتعليماته.
كان رفيقنا في هذه الرحلة أبو يزن هشام واصف، المستشار في السفارة الفلسطينية في مسقط، وكنا إحدى عشر كوكبا، ننشر ابصارنا في المكان، محاولين إلتقاط صورة تجانب الصورة المتخيلة للحدود الأردنية ـ الفلسطينية.
بضعة كيلومترات، كنا بعدها ندخل البوابة، متأهبين لوضع أقدامنا على الأرض الفلسطينية، كان المعبر في تلك اللحظة يعج بمجموعة من الحجاج الفلسطينيين العائدين من الديار المقدسة، بعد إتمام مناسكهم، وكان عليهم الانتظار طويلا حتى تسمح لهم السلطات الإسرائيلية التي تسيطر على المعبر بحكم الإتفاقيات الموقعة، بالدخول.
ورأيت لأول مرة الجندي الإسرائيلي..
رأيته بخوذته، وسترته الواقية، ممتطيا بندقيته، وهو يجول ببصره في العابرين بين الحدود، يفتش في سحناتهم ما يبرر تفريغ رصاصه في أي منهم، رأيته كأسد هائج اقتحم على غزلان وادعة، فراح يزأر هنا، ويفترس هناك، ويبث الرعب في المكان.. دون أن يكون له حق في المكان.
ملامح الجندي لا تقول أنه من هذه الأرض، ولا تقول إنه يبتسم لهذه الأرض، لكني لا أستطيع تبيان مشاعره الدفينة، هل هو سعيد بعمله، أم أنه يتمنى مكانا آخر، هل يخاف من الموت، أم هو مستعد له، هل يحترم العابرين، أم يمقتهم؟..
ورأيته بعدئذ يرمقني بنظرة، اصطدمت بنظرتي إليه، فحار السؤال بيينا، هو مثلي يسأل نفسه، من أكون، أنا الشخص الغريب، لكنه بالتأكيد قرأ مشاعري، وأنني لا أحبه، ولست سعيدًا برؤيته في هذا المكان.
قال لي ـ إنّ الوطن
أن أحتسي قهوة أمي
أن أعود في المساء..
سألته: والأرض؟
قال: لا أعرفها
ولا أحس أنها جلدي ونبضي
مثلما يقال في القصائد.
في الجوار كان مجموعة من العمال يقومون بتنزيل حقائب المسافرين، وترقيمها، ثم إدخالها إلى بوابات تفتيش الحقائب، وأخالهم من العمال الفلسطينين، وقد بدأ عليهم العناء والتعب من عملهم المرهق، وحمل الحقائب والأمتعة، والإنهاك الأكبر أن يكونوا عمالا عند من يسُومُونهم سُوءَ العذَاب، يُذبِّحُون أَبناءهم ويستحْيُون نسائهم.. ومرة أخرى لم أكن أعرف إن كانوا سعداء في عملهم ذلك، أم مغلوبون على أمرهم.
كان علينا في البدء أن نبرز إذن الدخول وجواز السفر أمام الأمن الإسرائيلي للتأكد من اكتمال أوراقنا وصلاحيتها، قبل الانتقال إلى الخطوة التالية.
الحافلة التي أقلتنا من مطار الملكة علياء الأردني، إلى حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة، عادت أدراجها من حيث أتت، وقد علمنا أن ثمة حافلة أخرى ستقلنا حتى الوصول إلى أريحا، فالدخول إلى الأراضي المحتلة للحافلات يستلزم تصاريح واشتراطات خاصة..

***

بدا لي المركز الحدودي منظما في مواقع تفتيش الحقائب والأمتعة، وفي الأماكن المخصصة للمسافرين، فبعد عبور طابور متعرج، وصلنا إلى نقطة تفتيش المسافرين، ثم توزعنا على نوافذ ختم تصاريح الدخول، وهنا يتم تقسيم المسافرين حسب جنسياتهم، فهناك نوافذ خاصة لعرب 48، وأخرى للفلسطينيين، وأخرى للأجانب.
كان سير الإجراءات بطيئا جدا، خاصة بالنسبة للأجانب الذين كان عليهم أن ينتظروا طويلا، حتى يأذن لهم بالدخول.
مرت الخمس دقائق، تلتها خمس أخرى، وخمس ثالثة، وموظفة الهجرة الإسرائيلية تضغط على مفاتيح جهاز الحاسوب تارة، وتنظر لهاتفها تارة أخرى، وتتحدث إلى زميلتها مرة ثالثة، دون أن تلقي بالًا بالواقف أمامها، أو طابور المسافرين الذي بدأ في الإزدياد.
تنظر نحوي، وتتأمل الصورة المطبوعة على جواز السفر، وعلى الصورة الأخرى الساكنة في تصريح الزيارة الذي يحمل هوية السلطة الوطنية الفلسطينية، والمكتوبة باللغة العبرية..
سجِّل !
 أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ ؟.

***

يجري الوقت بطيئا، وأنا واقف أمام النافذة، أنظر للرفاق في صفوف الإنتظار، وأرقب القلق في عيونهم من رفض الدخول، وإعادتنا من حيث أتينا، أكتم في نفسي لعنة الإنتظار التي كان عليّ تحملها، وأنا أستجدي العبور، كما فعلته من قبلي شاعرة فلسطين فدوى طوقان في هذا المكان:
وقفتي بالجسر أستجدي العبور.
آه، أستجدي العبور.
اختناقي ، نَفَسي المقطوع محمول على.
وهج الظهيرة.
سبع ساعات انتظار.
ما الذي قص جناح الوقت ،
من كسّح أقدام الظهيرة ؟.
تختم موظفة الهجرة على التأشيرة، إيذانا لي بالسماح بدخول الأراضي المحتلة، وتقذف في وجهي إبتسامة، ترتد خائبة إليها، وأنا أولي ظهري عابرا دون كلمة شكر، أو حتى إبتسامة خافتة، فالقلب سقيم، والجراح غائرة، ودماء فلسطين لم تجف، ولن.. إلا برحيلهم، وإنتهاء إحتلالهم.
لم يعرفوني في الظلالِ التي
تمتصُّ لوني في جوازِ السفر
وكانَ جرحي عندهم معرّضاً
لسائحٍ يعشقُ جمعَ الصور
لم يعرفوني، آه.. لا تتركي
كفّي بلا شمسٍ ،
لأنَّ الشجر
يعرفني
تعرفُني كلُّ أغاني المطر
لا تتركيني شاحباً كالقمر !.
يتبعني رفاق الرحلة.. الواحد تلو الآخر..
نكتمل عند حزام خروج الأمتعة.. أتبين حقيبتي، وكذلك يفعل الرفاق، وحده حمود الطوقي يبحث عن حقيبته، فيتطوع بعض العمال هناك بالبحث عنها، حتى يجدها، أسمع رجل أمن إسرائيلي ينهر سالم الجهوري بلكنة شامية خالصة لأنه أجاب عن سؤال موجه للوضاح المعولي حول ماهية محتويات حقيبته، تقع عزيزة البلوشية في مطب تصوير لافتة داخل المركز، يتذمر عاصم الشيدي من الإذلال على نوافذ العبور، ويبدو بين الجمع مصطفى القاسم وإبتسامته تكبر، فهو على مقربة من مسقط رأسه، ومهد طفولته، أنظر لكل ذلك وأتبين دهشة باقي الأصدقاء، من معالم الصورة التي تتضاخم في تلك اللحظات.

***

نخطو خارج المركز، نتنفس أولى نسائم الأرض المباركة، أتامل ما حولي من صور وملامح، أمتعض من العلم المرفوع قريبا مني، ومن التعبير الذي يرمز إليه، ومن الكتابة العبرية، ومن المارين خلف الكلمات العابرة، ومن أسم المركز الحدودي والجسر الذي أصبح باسم " أللنبي".
إنهم يحتفون بواحد من الذين مهدوا لسرقة هذه الأرض وتهجير أهلها، مقابل الرعاع الذين أحضروهم من أصقاع العالم، لتكون الأرض وطنهم البديل..
يسأل حمدان البادي، عما إذا كان أللنبي هو ذاته القائد البريطاني الذي قاد قوة التجريدة المصرية في الاستيلاء على فلسطين وسوريا عامي 1917 و1918م.
نعم يا حمدان هو ذاته.. وقد بدأ ذلك بعد وعد بلفور المشئوم في الثاني من نوفمبر1917م، حيث قاد الجنرال إدموند أللنبي قائد القوات البريطانية إحتلال غزة في السابع من نوفمبر1917م، وشكلت هذه الحملة على غزة بداية نهاية الأمبراطورية العثمانية واحتلال مدينة القدس الشريف في ديسمبر1917م، وهناك قال قولته المشهورة: "الآن انتهت الحروب الصليبية".
هو تاريخ مثخن بالجراح وبالهزائم، تصور الأرض التي انطلق منها ذات مرة أبطال الصاعقة ورجالات المقاومة، ها نحن نقف عليها بموافقة الأعداء، ونلتمس الدخول إليها، ومهما علت فرحتنا بالوصول إلى هذا المكان، إلا أن غصة في حلقي كادت تخنقني، فكم من العائدين الذين حال عساكر الإحتلال بينهم وبين ديارهم وأوطانهم..
لن يمرّ العائدون
حرس الحدود مرابط..
يحمي الحدود من الحنين.

***

ووصلنا الأرض الفلسطينية.. ووددت في تلك اللحظة لو ضممت ذراعي، وحضنت هواء فلسطين، وقبلت تراب فلسطين، وشممت عطر فلسطين، وددت لو أصرخ باسمها عاليا.. أشق هدأة الليل، وأضيء مع نجمة في البعيد طرق فلسطين، وبياراتها، ودورها، وكل بقعة فيها..
كان الطريق يأخذنا حتى المركز الحدودي التابع للسلطة الفلسطينية، في مدينة أريحا البوابة الشرقية لفلسطين، هناك ينتظرنا محافظ أريحا والأغوار ليكون في إستقبالنا والإحتفاء بوصولنا الأراضي المقدسة.
كان الوقت حينها يقترب من التاسعة مساءً، يدثرنا صمت الليل، وسكون الطريق الواصل حتى المركز الحدودي.. فقد إنشغل كل منا بهاتفه، ينقل صدى اللحظات الأولى المتحققة لحلمه.
لم يكن محافظ أريحا والأغوار المهندس ماجد الفتياني أقلنا فرحًا بتحقيق حلم الوصول ودخول الأراضي الفلسطينية، فقد رأيته يعانق كل فرح تناثر في تلك اللحظة، وكانت كلماته معبرة، تلهج بالشكر والثناء لهذه المجموعة التي كسرت "مقاطعة" البعض لزيارة الأراضي المحتلة بحجة "التطبيع"..
وبذات الحب الذي قابلنا به، قلنا للمحافظ عن مشاعرنا الأولى، ونحن نصل إلى المكان/ الحلم، قلنا عن الأشواق التي سكنتنا مذ أن تحدد موعد الزيارة، وكيف مرت ساعات الرحلة بطيئة جدا، وددنا لو شطرنا الزمن، وبددنا المسافات حتى لحظة الوصول.
كنت أستعجل الخروج من القاعة التي ضمتنا في تلك اللحظة، فقد اشتقت لنسيم فلسطين، وليل فلسطين، وأرض فلسطين، أشتقت للتحليق في سمائها، والعبور على أرضها، أريد أن أحتوي كل تفاصيل الحياة هنا، وأن أكون جزءا منها، وتقبيل كل ذرة ضمت حكاية نضال، واختزلت مرحلة كفاح..
كنا في الهزيع الأول من الليل.. وكان عوض باقوير يسهب للمحافظ عن المشاعر المكنونة في صدورنا، وعن الفرح الذي يكسونا هذه اللحظة بالوصول، وعن التقدير العٌماني على كل المستويات للشعب الفلسطيني وقيادته، وعن أشياء كثيرة لم أستطع تبيانها، فقد كان باقوير يتحدث بخفوت، وأراه ينحت الكلمات.. ويقدفها من بحر واسع من التعابير التي اختزلها لهذه اللحظة.

***

في اللحظة التالية، انتقلنا إلى حافلة ثالثة، لتأخذنا إلى رام الله، مستقرنا خلال فترة الزيارة، ومنطلقنا للبرنامج المعد لنا من قبل الرئاسة الفلسطينية.. أسحب ورقة من بين الأوراق التي ترافقني، أتأمل برنامج الزيارة، أقذف فرحة هنا، وأخرى هناك، يزداد الشوق لكل مكان خطّ رسمه، وبان اسمه على الورقة..
أستعجل الوصول إلى رام الله، لأنطلق من هناك مغردا، كما الطيور التي خيل لي أنها تحلق وادعة في سماء فلسطين.. أتراها كذلك؟!
صوت المذياع يقرأ علينا نشرة أخبار، من التي تعبنا سماعها، لكننا الآن في قلب الخبر، وأحداثه على مرمى حجر منا، كل بقعة هنا، صاغت خبرًا من الأخبار التي ترددت على مسامعنا.
أطلب من السائق أن يغير الموجة، فيقترح أحد الرفاق صوت فيروز، ويقترح آخر صوت من فلسطين، ثم ترسو بنا السفينة إلى أغنية حماسية تلهب الأشواق، وتنفض عنا وعثاء السفر.. وكان صوت محمد عساف يرسمنا بصورة أخرى، وجدنا أكفنا تصفق، وحناجرنا تردد معه:
علّي الكوفية علّي ولولح فيها..
وغني عتابا وميجانا وسامر فيها
علّي الراية برام الله وبجبال النار
وعقال العز عقالك عزم وإصرار.
كانت الحافلة تقطع الدرب، الملتف بين جبال وسهول وهضاب، وأضواء تلوح من البعيد، وعلى القريب كان جدار الفصل العنصري يمتد ليحكي مأساة شعب، وجبروت إحتلال.. قال لنا أسد شجاعي من الرئاسة الفلسطينية الذي أستقل الحافلة معنا، والذي سيكون رفيقنا في الزيارة مع رفيقه محمد اسطيح: إن عليهم أن يسلكوا طريقا ملتوية، حتى يتجنبوا حواجز التفتيش، والطرق الممنوعة على الفلسطينين دخولها..
لكننا في تلك اللحظة، لم نتذمر من طول الطريق الذي علينا أن نسلكه، فقد توالت مشاهد الحياة في أريحا، الأسواق والمحلات التجارية وبعض المنازل التي تناثرت هنا وهناك، والقرى المترامية في البعيد..
والليل يمضي بنا.. يسامرنا الشوق، ونحن نتدثر بعباءته، والحافلة تمشي الهوينا، والطريق يغني، وأعيينا المتعبة تجول خلف نافذة، توزع بصرها في مساحات العشق الممتدة، والهدوء يكتب السطر الأخير لمحارب استراح من عناء المسير، ووضع بندقيته جانبا، وراح يزرع شجرة الزيتون.
لم أكن قد دخلت في الصورة بعد.. فقد كان ثمة خيط رفيع يفصل الحلم بالواقع، وكنت أنا أقف على ذلك الخيط، أحاول تبيان ملامح الصورة المتوالية أمامي.. وأنظر للرفاق والفرحة التي تعلو محياهم، وكلمات الفرح المحلقة بيننا..
كان منظر الجدار العنصري وهو يرافق ابصارنا، بشعا ومخيفا في آن واحد، كان يحجب الجمال، ويقتل الأرض، ويذل الأهالي، كان يلتف ليتحول إلى سجن كبير، يطوق مناطق فلسطينية، ويلتهم أجزءا منها، بحجج واهية، قوامها أمن الإحتلال وسلامة المغتصبين.
لكن الروح الفلسطينية الوثابة، تغلبت على الجدار، وعلى عنصرية الإحتلال، وإذلاله، وحربه الشعواء، وعلى القتل والتهجير بحق أبناء الأرض من أجل توطين أكبر عدد من المهاجرين اليهود والمستوطنين الجدد القادمين من أقطار كثيرة، أوروبية وغير أوروبية.
ورأيت بعدها رام الله..
رأيت رام الله.. فحضنتها كطفل اشتاق حضن أمه، وراح يبكي في حجرها.
ومرة أخرى، هاهي فلسطين يا وجه المسافر..

للحكاية بقية

أقرأ :



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق