الخميس، 2 أغسطس 2012

هذا الوطن.. لنا جميعا



هل كبرنا على الوطن، وجحدنا حقه يوم أردنا تجميل صورته أكثر.. وأكثر؟
اطرح هذا التساؤل.. وأنا لا اعرف الكيفية التي سأبحث بها عن اجابة لسؤالي هذا، ولا الجهة المخولة الرد عليه.. كما لا اعرف عما إذا كان السؤال مشروعا، أم أن التأويلات ستطاله، لتضعني مدافعا تارة.. ومعللا تارة أخرى.
الوطن.. هذا الكيان العزيز على قلوبنا.. هذا العشق الساكن ارواحنا المتغلغل في اكبادنا.. يجري كما الدم في الأوردة.. لماذا نفعل به كل هذا؟.. ثم لماذا يفعل هو بنا كل هذا؟.. هل لأننا كبرنا عليه.. ولم نستطع فهمه بعد كل هذه السنوات، أم لأنه تغير علينا وما عاد الوطن الذي نعرفه ويعرفنا؟!.
وأعود لأطرح سؤال آخر.. هل نضجنا، لنشعر إن الكوب غير الممتليء به جزء فارغ، ولا يرضينا غير امتلائه.. ثم لماذا ننظر إلى الجزء الفارغ وننسى الجزء الممتلئ.. ذلك من جهة، ومن جهة أخرى، ما ضرنا لو قلنا إن ثمة فراغ في الكوب، يحتاج إلى امتلاء، وهل ثمة جرم إذا اشرنا إلى قصور في جوانب معينة وتحتاج إلى اصلاح، أو مراجعة.. أليس لنا حق في هذا الوطن.. ونشترك جميعا في اعماره.. وما يضره يضرنا.. وما يجمل صورته يجمل صورتنا.
لقد حملونا وزر المناداة بالاصلاح.. وكأن من ينادي بذلك يواجه بتهم ليس أقلها استهانته بما تحقق من انجازات، والتقليل من شأن الجهود المبذولة لتحقيق ذلك، اما أكثرها، فهي اتهامات تمس وطنية المنادي، وتجرده من حب الوطن، وغيرها من الاتهامات المعلبة الجاهزة للتوزيع المجاني.
ومع الاعتراف إن هناك من يتقن جلد الاخرين، وتوزيع اتهامات الفساد والتقصير بسبب أو بدون سبب، بل ويتمادى في الحط من شأنهم، إلا إننا يجب أن نفرق بين صنف وآخر، ولا يمكننا أن نضع جميع من ينادي بالاصلاح، ومن يكيل السباب لهذا وذاك، تحت خانة واحدة، ونأخذهم بجرم واحد.
إننا لا يمكن أن نساوم على حب أحد لهذا الوطن وقائده المفدى، ولا يمكن بأي حال من الأحوال نزع وطنية شخص ما، لمجرد انه اخطأ في الطريقة والأسلوب الذي انتهجه في ايصال رسالته، فالجميع على هذا الارض، يحمل في صدره الولاء والعرفان لوطنه وسلطانه، ولا يرضى الاساءة لهما بأي حال من الاحوال.
لكننا جميعا.. نخاف على وطننا، نخاف على صورته المتأنقة الزاهية، المعلقة في قلوبنا، نخاف عليها حتى من نسمات الهواء القارصة، ونريدها أن تكون زاهية متأنقة على مدى الزمان..
نحن لم ننس الوطن الذي علمنا، واظلنا بظله الوفير.. ولم ننس معنى أن تصل الكهرباء إلى بيوتنا في اقصى بقاع البلاد.. وعلى قمم الجبال.. وكيف تشق الدروب السهول والجبال لتصل إلينا.. كيف تعمر المدارس والمستشفيات.. ومشاريع لا نحصي لها عددا لأجل راحتنا.. وسعادتنا..
لم ننس الصورة الزاهية التي تحفل بكل ذلك.. لكننا نخاف على الوطن من تقلبات الليالي وصروف الزمان، نخاف عليه كما نخاف على انفسنا، حتى لو اختلفت كيفيتنا في التعبير.. وابداء الرأي.. فلا نود أكثر من تجميل صورة مشرقة له في قلوبنا.
لم نقل أكثر من إن صورة الوطن بحاجة إلى تجميل..
فهل كبرنا على الوطن؟..
هل رميناه زورا وبهتانا؟..
وهل شوهنا صورته المتأنقة حين إشرنا إلى مساوئ اطارها؟..
نعم.. لقد خرج بعضنا بنبرة حادة وهي تنتقد هذه التشوهات، لكنها لا تريد إلا خيرا.. ولا تبتغي إلا الاصلاح ما استطاعت.. والاصلاح هنا، المساهمة في تجميل الصورة، وتزينها.. وذلك من حبها وحرصها.. وليس بمعناه التشويهي الذي يريد البعض ان يحمل هذه الكلمة ما لاطاقة لها به.
لم يكبر أحد على وطنه.. ولم يبتغ أيهم فسادا في الأرض.. فالوطن أكبر من كل من أراد به سوء أو نقيصة.. فقط علمونا كيف ننقد الصورة إذا تشوهت.. علمونا لمن نلجاء حينما تذبل زهور حديقتنا.. عرفونا بالطريق الصحيح الذي يجنبنا شر الغضب والنقمة.. فلا أحد يريد بالوطن سوء ولا الوطن يريد بأحد سوء.
في يقيننا الوطن أكبر منا.. لكنه لم ولن يتكبر علينا.. سيحتوينا ويحتضننا كما احتضننا في مهدنا.. وقادنا إلى الخير والفلاح.. وصدره يتسع لكل هذه الرؤى والاختلافات.. وستتشابك الايادي لتجميل الصورة..
نتمنى منكم أن تقولو لنا.. إنها سحابة صيف عابرة.. وليالي عصيبة ستنطوي.. لندرك جميعا أن لا أرض تقلنا ولاسماء تظلنا أجمل من ارض الوطن وسمائه.. ولن نبحث عمن اخطأ في حق الثاني.. فالوطن لنا جميعا .. مهدنا ولحدنا.. ونحن جنوده، له علينا السمع والطاعة..
فإن كنا اخطأنا في حقه قليلا.. فليعفو وليصفح.. هم ابناؤه.. ومالهم غير عفوه ورضاه.. وفي ذلك هو أقدر وأكرم.

نزوى ـ في 2 أغسطس 2012