الاثنين، 20 مايو 2013

يضحك سور العقر.. يبكي صباح أبي المؤثر!

 
اللوحة تقول أن الترميم سيكون لجزء من سور حارة العقر
صباح أبي المؤثر.. حيث الأعمدة المنصوبة تتعب الصباح والمارين
 لم يكن يعرف برج العقر، وهو يلقي بعض اطلاله، ويهوي بها قريبا من المارة في سوق نزوى، أنه سيلفت الأنظار إلى السور، ويعيد البسمة إلى جزء منه، فيما الجزء الآخر كتب عليه أن ينتظر.. انتظار الأبراج والصباحات والحارات التي تعبت من الأنين، وهي تخبر عن حالها وما صارت إليه.
العمل بدأ على بناء جدار تحت انقاض السور

ذات صباح، كانوا يرفعون قريبا منه، ما أبهجه ذلك اليوم، حين قرأ أن ثمة إلتفاتة إليه، حدثت، وأن العمل سيبدأ في ترميم جزء من السور، وليس كله، وما لا يدرك كله.. لا يترك جله.  
ومهما يكن الترميم، والطريقة التي تتم بها، ومدى إلمام من سيقوم بإعادة بناء السور كجدار، لا كترميم ما تساقط وإعادته إلى صورته الأولى، فإن البادرة محمودة، ولم يطلب سور حارة العقر أكثر من ذلك.. فهو يعرف أنه لن يتلاشى من الذاكرة. وأن "الأموال" و"الأوقاف" المكتوبة بأسمه، والتي يقال " أنها لا تعد ولا تحصى" ستشفع له..
سيأتون إليه، وإن طال به الزمان، يقيمون الجدار الذي يريد أن ينقض، ليحفظوا كنوزه المخبئة، ومهما تكن صورة سور العقر التالية، فكينونته الجديدة ترفع الحرج عن البعض من إتهامهم بالتجاهل والتغاضي عن مأساة السور وما حوله من الآثار.
صباح أبي المؤثر .. واحد من صباحات قليلة بقيت في نزوى
وحده صباح أبي المؤثر المحاذي للسور في الطرف البعيد، سيبكي، كما بكت صباحات نزوى ولم يسمعها حد، حتى تعبت وألقت بحملها وتخلت عن حراسة المدينة، وعن سرد الذاكرة الباقية بين جدرانها.
يبكي صباح أبي المؤثر، لأنهم نسوا "أعمدتهم" منصوبة على بنيانه، ومضوا لا يلتفتون إلى ما ستحدثه هذه الأعمدة من تشويه لمكانة الأثر، وصورته، ولا يهم إن كان مدخل الصباح قد ضاق على المارة، أو تسبب في إيذائهم، طالما أنه سيسكت الصباح عن الأنين، ويقطع تهديده بالسقوط، حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

كم من سور في حارة العقر، وفي حارات نزوى توشك أن تنطمس وتغادر الذاكرة، وكم من الأبراج تهاوت أو في طريقها إلى ذلك، وكم من الصباحات وأبواب المدينة تلاشت من الوجود، ولم يسأل أحد عما حدث، أو يهرع لإنقاذ ما تبق من هذه الآثار، قبل أن يأت عليها زمن لن تكن فيه شيئا مذكورا.

في كل مرة نطلق الصرخة: أن آثارنا تنقرض أمام انظارنا.. ونطالب بالالتفات إليها، ونأمل أن تكون هناك خطة لترميمها وصيانتها، لكن الخطط لدينا تحتاج إلى دراسة، والدراسة إلى زمن.. ومع توالي الأيام وتعاقب السنين تبقى الصورة وحدها شاهدة: كانت هنا حارة.. وكان معها سور وأبراج تحرس صباحاتها..

لن نقول مجددا: أن نزوى ستحتفل بعد عام ونصف بكونها عاصمة للثقافة الاسلامية، فقد تعبنا من التذكير بذلك، وما على الأرض لا يشي بتذكر المناسبة، فلا الحارات ترمم، ولا الأبراج ستعود لسابق عهدها، ولا الصباحات تقوم من مقامها، ولا شيء آخر.. حينها لن يبكي صباح أبي المؤثر وحده، بل ستبكي كل آثار نزوى وحاراتها وما تبقى من اطلالها.



نزوى ـ في 19 مايو 2013م

أقرأ ايضا :
سلام على الأبراج يوم تنهار.. ويوم تندثر!