لم
تدم أقامتنا في فندق (Ubay) أكثر من ليلتين..
ليلتان..
وكأنهما أسبوعان، شعرنا خلالها بحاجتنا إلى فندق أكثر رحابة، وفي موقع أكثر
تميزًا، وخيارات أوسع.. كانت مطالب رفاق الرحلة، ونحن نناقش مواصفات السكن القادم،
تتزايد وتتفرع، والرؤى تتباين حينا.. وتتباعد أحايين كثيرة.
قال
محمد الحضرمي، ان الفندق هذا لا يقدم وجبة الافطار.. وهذه وجبة رئيسية، كيف تباشر
يومك، دون أن تشرب الشاي، ودون أن تتغذى جيدا؟.. لذلك أبحثوا لنا عن فندق تكون
مائدة الافطار فيه عامرة.
وقالت
سعاد العريمي: إنها قرأت أن الفندق تسكنه الصراصير، وهي لا تقوى على العيش فيه،
وهو على هذه الحالة.
وقال
خلفان الرحبي: الفندق في منطقة نائية، كأنها بعيدة عن العالم، نريد مكانا في وسط
المدينة.
أما
الدكتور خالد العوالمة، فقال بلكنته الأردنية: شوفوا اللي بدكو إياه، وأنا معاكم.
ولذلك،
تحركنا على الفور، في رحلة البحث عن سكن آخر، سكن بمواصفات محددة، تبدأ من نظافة
الغرف، واتساعها، وموقع الفندق، وبوفيه الافطار، والسعر المناسب، وزدت عليها توفر
خدمة الواي فاي في الغرف.
كان
البحث عن فندق بمثل هذه المواصفات، وبسعر محدد تم وضعه بحيث لا يتجاوز الخمسين
دولار لليلة، يقارب البحث عن إبرة وسط كومة قش، وفي البدء أرسلنا فريقا لاكتشاف
فنادق المدينة والخيارات المتاحة، تشكل الفريق من الدكتور خالد العوالمة ومحمد
الحضرمي وراشد البلوشي..
وفشلت
مهمة الفريق، الأمر الذي دعانا للتحرك الجماعي، واستعنا بالشاب الأردني هيثم،
وبالشباب المغربي الذي يرافقنا في البرنامج، كنا نذرع الرباط طولا وعرضا، تقف
حافلتنا عند منطقة ما، ثم ينزل منها ثلاثة أشخاص أو أربعة، يعبرون الشارع، يتحدثون
مع مسئول الاستقبال، ثم يصعدون إلى أحد الأدوار، يفتح عامل الاستقبال الغرفة،
يلجونها، وهم يقلبون أبصارهم فيها، وينظرون لبعضهم البعض، ثم يعودون أدراجهم إلى
الحافلة، ويتجهون إلى مكان آخر.
زرنا
أكثر من عشرة فنادق، وفي كل فندق، كان ثمة عيب، أو ملاحظة تلغيه من القائمة.
هذا
الفندق غالي جدا..
الغرف
هنا غير نظيفة..
ثمة رائحة
غريبة تنبعث في ممرات هذا الفندق..
أعتقد
المكان غير مناسب.
السعر
هنا غالي جدا.. ولا يناسبنا.
وملاحظات
أخرى، كنا نتحد في رفض هذا الفندق أو ذاك.
بالنسبة
لي والصديق فيصل، أعلنا انسحابنا من اختيار السكن، فالشروط والمواصفات التعجيزية
الموضوعة، والمبلغ المرصود له، يضعانه المستحيل الرابع..
لكن
محمد الحضرمي كان يصر على أنه سأل قبل مجيئه عن السكنى في الرباط، فقالوا إنها
رخيصة.
وكذلك
قال خالد الحارثي، وطرح فكرة استئجار شقتين مفروشتين، واحدة للشباب، والثانية
للفتيات.. وكان هذا الخيار رغم موافقة البعض عليه، مرفوضا من الأغلبية، الأغلبية
التي تشكلت وفق المنهجية "الميسائية" ـ نسبة إلى ميساء الهنائي ـ التي
قادت الرأي المعارض لكل ما يطرحه محمد الحضرمي..
كانت
حواراتنا ونقاشتنا تنعقد في أكثر الأحوال في الحافلة، وهي تلف شوارع الرباط.. كانت
حدة الصوت ترتفع حينا، لتهدأ حينا آخر، على دعابة يطلقها خلفان الرحبي، أو محمد
الحضرمي، أو فائزة الكلباني في سبيل تهدئة الجو الذي تكهرب بفعل البحث عن سكن.
كنا
نضحك كثيرا على حالنا.. نضحك لأننا أقتربنا من بعضنا كثيرا، وفهمنا أنفسنا.. ولذلك
لم يكن هناك أي حاجة للتشدد في المواقف، والتعصب للرأي.
حتى
محمد الحضرمي وخالد الحارثي وراشد البلوشي الذين كانوا يطالبون بأن نستأجر شقتين،
أو نبحث عن فيلا بدورين للسكن فيها، غيرا وجهة نظرهما هذه، بعدما أخذنا هيثم إلى
أحد المناطق السكنية، وشاهدنا حال هذه الشقق، ووضعها.. ربما أن هناك ما هو أحسن
مما شاهدناه، لكننا صرفنا النظر عن الفكرة تماما، وكان الخيار أن نعود إلى أحد
الفنادق ذات الثلاث نجوم أو الأربع، حتى لو كلفنا ذلك المزيد من المال.
وفي
المقابل، كانت مقاطعتنا أنا والصديق فيصل العلوي لعملية البحث عن سكن، قد انهارت،
ورحنا نقلب شبكة الإنترنت في هواتفنا بحثا عن الفنادق المتاحة، ومواصفات كل منها..
ونتشاور مع الزملاء بصوت هاديء، ونتناقش بشكل ودي..
كان
رفاق الرحلة قد بدأوا يتجانسون مع بعضهم أكثر.. والبساط الأحمدي أمتد من أول
الكراسي في الحافلة حتى أخرها.. ولذلك كنا نستمتع كثيرا بالخلاف بيننا،
وبالمحاورات التي تدور بين الرفاق، في مواضيع شتى، لم يعد أي منها يفرقنا، ويفسد
الود بيننا.
كانت
ضحكة محمد الحضرمي، تجلجل بعد كل موقف نمر به، فتتردد الضحكات، وتتناثر على طول
الطريق الذي نسلكه.
في
فندق أيبي الواقع في حي أكدال السكني، حيث محطة مترو أكدال بمحلاتها ومطاعمهم
ومقاهيها، أنزلنا أمتعتنا، وقلنا أن هذا المكان سيكون مستقرنا حتى نهاية الرحلة.
أحببت
المكان.. ثمة حديقة صغيرة داخل الفندق، وبهو واسع، ومطعم جيد، وعلى مقربة منه،
تسكن مجموعة من المحلات التجارية المتنوعة، وغير بعيد ثمة شارع يمتلئ بالمقاهي
والمطاعم، وهناك محل تجاري كبير، ومن هنا يمكن الانتقال بسهولة إلى أي منطقة بعيدة
أم قريبة.. فهنا مواقف سيارات الاجرة على مدار الساعة، ومحطة القطار يمكن السفر
منها إلى أي وجهة.
واضافة
إلى ذلك فإن سعر الغرفة الواحدة لا يتجاوز الثلاثين ريال في الليلة لشخصين، شاملة
بوفية افطار متنوع..
كانت
توزيعنا على الغرف، بذات الكيفية التي كانت في فندق (Ubay)، غير أن المفاجأة التي اختلفت قليلا هنا، هي مساحة الغرف الصغيرة،
لكنني لم أعر هذا الأمر أي اهتمام زائد، كل ما قمت به، أن ارتميت على السرير
القريب من النافذة المطلة على الشارع، ورحت أتأمل المارة قليلا، وأقلب قنوات
التلفزة، قبل أن أغفو من التعب.
***
صباح
اليوم التالي.. عرفت أن الزملاء قاموا باحتجاج على اختيار فندق أيبي، وتعالت
الأصوات الرافضة للسكن في هذا الفندق، وأن الطعام المقدم في بوفيه الأفطار، ليس هو
الأهم، بقدر فسحة الغرف والراحة فيها.
كان
راشد البلوشي، أكثرنا امتعاضا من مساحة الغرف، فقد بدأ في التسوق، وشراء بضائع
وهدايا شتى من هذه البلاد، وأتفقت ميساء مع محمد الحضرمي على ضرورة تغيير الفندق،
أما ناجية البطاشي وليلى الحسني، فقد كانتا مسالمتين، وقالتا أنهما مع رأي
الأغلبية.
ولأن
الأغلبية، لدينا صامتة، فقد كان مرجع القرار إلى المسئولة عن الفريق، رجاء
البلوشي، التي أعطت الضوء الأخضر للبحث عن فندق أوسع، وقالت: أن المهم أن نشاهد
الغرف من الداخل، ولا نكتفي بالصورة البهية للفندق من الخارج، وموقعه.
وعدنا
للبحث من جديد..
كنا
نفرغ من زيارة مقررة في البرنامج، لنعود نلهث في شوراع الرباط، بحثا عن سكن آخر
مناسب.
زرنا
فنادق، وشقق، وفلل.. حتى أنهكنا البحث.. ليس لعدم وجودها أو توفرها فحسب، ولكن لأن
الشروط الموضوعة لهذا السكن، كانت ضربا من المستحيل.. فلكل منا متطلباته، وشروطه،
ورغباته...
كانت
رجاء.. صبورة مع هذه المطالب، وتلقتها برحابة صدر، وكنت أغبطها على طول بالها،
وهدوء اعصابها.. كنت تبتسم في كل المواقف الصعبة التي نمر بها.. وبقدر
ما أعطانا ذلك الهدوء في التفكير، بقدر ما قربنا من بعضنا أكثر، وألغى ردة الفعل
القاسية التي تنبع في بعض المواقف الصعبة التي تمر بنا.
كنت
من الذين طالبوا رجاء بالتشدد، وعدم التساهل في تأخير تنفيذ برنامج الزيارات،
وكانت توافقني الرأي، غير أنها لا تنفذ تعهدها هذا، كانت طيبة بالقدر الذي سمح لنا
أن نلغي كل الحواجز القائمة بيننا.. وحدها الأيام التالية أثبتت نجاح السياسة
الرجائية، وحسن تصرفها مع أناس تسافر معهم للمرة الأولى.
***
فاجأني
بدر الدين متقى، وهو أحد الشباب المغاربة الذين يرافقوننا في بعض الزيارات المخططة
لنا، وسيصحبنا كثيرا بين معالم المغرب، وثقافته، استطاع بدر ـ كما ندعوه ـ خلال
فترة وجيزة أن يتجانس معنا، ويصبح فردا من مجموعة الشباب العماني، بضحكته وسخريته
من بعض المواقف التي تمر بنا..
أقول
فاجأني حين أشار إلى الصومعة، ومضى كأنه يستقصد أن يتركني رفيق الحيرة التي نبتت حينها.
تأملت
الصومعة طويلا، كان مجموعة من الناس يتحلقون حولها، ويلتقطون الصور التذكارية على
مقربة منها، كانت الصومعة بهية المنظر، رائعة التصميم، تبدو الزخارف والنقوش
المعمارية عليها، بادية للعيان من البعيد.
كانت
الصومعة ضمن مكونات جامع حسان، الذي شيد من طرف السلطان يعقوب المنصور الموحدي،
وكان يعد من أكبر المساجد في عهده. لكن هذا المشروع الطموح توقف بعد وفاته سنة
1199م، كما تعرض للاندثار بسبب الزلزال الذي ضرب الرباط سنة 1755م،
وتشهد آثاره على مدى ضخامة البناية الأصلية للمسجد، حيث يصل طوله 180 مترا
وعرضه 140 مترا، كما تشهد الصومعة التي تعد إحدى الشقيقات الثلاث لصومعة الكتبية
بمراكش، والخيرالدا بإشبيلية على وجود المسجد وضخامته.
الصومعة
مربعة الشكل ويصل علوها 44 مترا، ولها مطلع داخلي ملتو، يؤدي إلى أعلاها، ويمر على
ست غرف تشكل طبقات، وقد زينت واجهاتها الأربع بزخارف ونقوش مختلفة على الحجر
المنحوت وفق النمط الأندلسي المغربي من القرن الثاني عشر.
كانت
الشمس قد بدأت تجمع خيوطها، استعدادا للرحيل، وحفيف الأشجار القريب، اختلط بتغريد
الطيور، وعلى مقربة من الصومعة كان خرير الماء المتدفق من نافورات اضاءت المكان
بجمالياتها، يتناغم مع صوت الطبيعة، وطفل يجري بعيدا أمه.. تسمع وقع خطواته، ولهاث
ضحكاته.
كانت
الصومعة تطل على جل هذه المشاهد، وهي تنعكس على الصرح، فتحسبه من بعيد لجة، حتى
إذا أتيته لم تجده شيئا.. ووجدت نفسك تصعد ببصرك حتى تعانق عنان السحاب، هناك
تترآى تلك الصومعة وكأنها نزلت للتو من السماء..
يا
الله..
هنا
المشهد روحاني، تعشقه الروح، وتسكن إليه في دعة وأمان.
أرسل
بصري ثانية إلى الصومعة.. ترى كم الذين طافوا هذا المكان، وتشربوا بهذه السكينة
التي أشعر بها الآن.. كم الذين سجدوا في هذا المحرب، ولهجت ألسنتهم بالذكر
والدعاء، وكم الذين ترنموا هنا بالجمال، في أسمى صوره، وأبلغ معانيه.
لم
يأسرني قول بدر الدين، أن الصومعة نصفها ذهب، قدر ما أسرتني هي بصورتها المتأنقة،
وحسنها البديع.. أرها بهية رغم تقلبات الزمان، والجيوش التي رابطت هنا، من الغزاة
والفاتحين، وأولئك المؤمنين الصادقين، الذين سكبوا دموعهم، وأهالوا عبراتهم،
ويدعون بالخلاص، والنجاة من فتنة الدينا وزينتها..
طوتهم
صفحات التاريخ، ورحلوا، فيما بقيت هي تنظر الذين يأتون إليها محلقين بأرواحهم،
يتوحدون مع المكان، فتستأنس بهم، وتكاد تمد ذراعيها لتحتضنهم، وتضمهم إلى صدرها.
سمعت
فيصل يناديني للدخول إلى الضريح المجاور للمسجد، فموعد اغلاقه قد أزف، تركت
الصومعة، واتجهت إلى الضريح الذي يحرسه جنديان من الحرس الملكي، وهممت بالدخول
فأشار إلي أحد الجنديين بإنتهاء الزيارة، تدخل بدر، وتحدث معهما قليلا، كان يشير
إلي، وإلى الصديق فيصل، وكأنه يخبرهم بقدومنا إلى المغرب هذه الأيام، من بلاد
بعيدة، ومن الجيد أن تتاح لنا فرصة الدخول، وسمحا لنا بالدخول لبرهة وجيزة من
الوقت، ودخلنا كافية لإلقاء نظرة على المكان من الداخل .
كان
المدخل يطل على قاعة مزينة بالنقوش والزخارف الاسلامية، تتوسط مقدمتها ثلاثة قبور
متجاورة، وعلى جانبيها كانت تصطف أعلام المغرب الحمراء المتوشحة بالهلال والنجمة،
وثمة أبواب مذهبة تفضي إلى القاعة من كل ركن، وباب أكبر في المقدمة، وقريبا منه
ينتصب علمين ذات اليمين وذات الشمال، على سجادة حمراء.. تكشف نهايتها عن أرضية
القاعة الرخامية.
كان
مكان الضريح في الأصل، هو المكان الذي اختاره الملك محمد الخامس ليؤمّ الناس
للصلاة بعد عودته منصورًا من المنفى، وقد دفن فيه، وبعده دفن إلى اليسار نجله
الملك الحسن الثاني، وإلى اليمين نجله الآخر الأمير عبدالله.
قرأت
الفاتحة عليهم، وعلى أموات المسلمين..
وتمتمت
بما أحفظ من الدعاء، وحين صدح الأذان لصلاة المغرب، كنت أخرج وأنا لا أعرف لماذا
سالت دمعتي في تلك اللحظة، هل هي رهبة الموت، حين تقف على أثاره، وترى رسمه، أم
رهبة المكان، حين تجد الروح تنسلخ من جسدك لتهيم وحيدة في هذه الملكوت.. أم صوت
الأذان الذي اشتاقته أسماعي!!.
في
المسجد، وبعد الصلاة، شنّفت سمعي وأطربت أحاسيسي، تلاوات عطرة من آي الذكر الحكيم،
كانت تتردد بأصوات جماعية، ألتقت في حلقة دائرية، وهم يقرأون سورة الكهف، اندهشت
لها روحي أيما اندهاش، حتى تسمرت في مكاني، وقلت للرفاق، أمهلوا روحي قليلا ترتوي
من هذه القراءة.
قال
بدر: إنها من التقاليد العريقة في المغرب، وقد دأب عليها السلف وتوارثتها الأجيال
بفضل الأوقاف المخصصة لها، وفيها يتحلق قراء منتظمون بجانب المحراب بعد صلاة
المغرب من كل يوم، يقرأون حزبا من القرآن برواية ورش عن نافع، ولهذه الحلقات التي
تعرف هنا بحلقات التحزيب يعود الفضل في تيسير حفظ كتاب الله الكريم في الأوساط
الشعبية والأميين.
كان
صوت الترتيل الجماعي يتلاشى، وأنا أبتعد عن المكان، وأنظر للصومعة، التي أكتشتفت
تاليا، أن نصفها الذي ذهب، لم يكن بالمعنى المراد للمعدن النفيس، وإنما للفعل الذي
يعني أنقضى، وتولى.
ربما
انهار نصف الصومعة، وآل إلى الزوال، لكن نصفها الآخر، بقي يناظر الزائرين إليه،
وهم يشدون الرحال عنه، سيأتي بعضهم لزيارته، أما البعض الآخر، فسيذهبون عنه إلى
غير رجعة، كما ذهب نصفها الأول.
***
ـ كيف
الحال، مزيانيين.. بالزاف وعساكم وأخا، وايش حال الدراري ديالكم، نحن لا بأس
علينا.. والأمور صافي.
بدأ
خلفان الرحبي، مستمتعا ونحن له منصتون، وهو يقرأ علينا بعض المفردات والجمل
المغربية التي سجلها، من خلال حديث الشباب المغاربي معنا، سيما بدر الدين متقي،
كان الرحبي يتوقف أمام كل كلمة ينطقها بدر من الدارجة المغربية، ليسأل عن معناها،
ثم يحفظها في هاتفه، قال لنا: إنه سيتقن هذه اللهجة، ويتحدث بها كما أهلها، خلال
أيام قليلة.
لا
يمكنك أن تأتي إلى المغرب، دون أن تتعلم مفرداتها، وتستمتع وأنت ترددها حيثما
ذهبت، عرفنا الكثير من الكلمات، والمصطلحات، وبدأنا نتحدث بها باستمتاع، وخلفان
الرحبي يسجل المفردات التي تتزايد يوما بعد آخر.
قلت
له: ستؤلف خلال وجودك هنا، كتابا عن تعلم اللهجة المغربية في سبعة أيام، وكانت
ضربة قاصمة، أتت على ذاكرة الهاتف، فمحت كل الكلمات التي كتبها الرحبي.. وكان
حزننا على الحصيلة التي راحت، أشد من حزنه عليها.
لكننا
لم نيأس، فقد جمعنا حصيلة أكبر من الكلمات المغاربية، في الأيام التالية، ورحنا
نهدر بها.. وصار مألوفا بالنسبة لنا، أن نسمع كلمات من قبيل مزيان وبالزاف، وواخَه
وكتجبد وكيداير وطوموببل.. الخ.
سمعت
محمد السائق، يقول لنا: الدنيا دراعة كل واحد كيلبسها ساعة.. ومضى يشق بنا دروب
الرباط.
للرحلة بقية
مسقط ـ 28 فبراير 2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق